﴿أولئك﴾ أي: العالو الهمة والرتبة ﴿الذين هداهم الله﴾ بما له من صفات الكمال لدينه ﴿وأولئك أولو الألباب﴾ أي: أصحاب العقول السليمة عن منازعة الوهم والعادة، وقال أبو زيد: نزل ﴿والذين اجتنبوا الطاغوت﴾ (الزمر: ١٧)
الآيتين في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون لا إله إلا الله زيد بن عمرو وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي والأحسن لا إله إلا الله.
وفي هذه الآية لطيفة وهي: أن حصول الهداية في العقل والروح حادث فلا بد من فاعل وقابل، فأما الفاعل: فهو الله تعالى وهو المراد من قوله تعالى: ﴿أولئك الذين هداهم الله﴾ وأما القابل فإليه الإشارة بقوله تعالى: ﴿وأولئك هم أولو الألباب﴾ فإن الإنسان ما لم يكن عاقلاً كامل الفهم امتنع حصول هذه المعارف الحقيقية في قلبه.
واختلف في معنى قوله تعالى:
﴿أفمن حق﴾ وأسقط تاء التأنيث الدالة على اللين تأكيداً للنهي عن الأسف عليهم ﴿عليه كلمة العذاب﴾ فقال ابن عباس معنى الآية من سبق في علم الله أنه في النار، وقيل: كلمة العذاب قوله تعالى: ﴿لأملأن جهنم﴾ (الأعراف: ١٨)
الآية وقيل: قوله تعالى: «هؤلاء للنار ولا أبالي» وقوله تعالى ﴿أفأنت تنقذ﴾ أي: تخرج ﴿من في النار﴾ جواب الشرط وأقيم فيه الظاهر مقام الضمير إذ كان الأصل أفأنت تنقذه، وإنما وقع موقعه شهادة عليه بذلك، والهمزة للإنكار والمعنى: لا تقدر على هدايته فتنقذه من النار وقال ابن عباس: يريد أبا لهب وولده ويجوز أن تكون من موصولة في محل رفع بالابتداء وخبره محذوف. واختلف في تقديره فقدره أبو البقاء كمن نجا وقدره الزمخشري فأنت تخلصه أي: حذف لدلالة أفأنت تنقذ عليه وقدره غيرهما تتأسف عليه وقدره آخر يتخلص منه أي: من العذاب.
وقوله تعالى:
(٩/٣٦٢)
---