فإن قيل: ما فائدة التثنية والتكرير؟ أجيب: بأن النفوس أنفر شيء عن حديث الوعظ والنصيحة، فما لم يكرر عليها عوداً على بدء لم يرسخ فيها ولم يعمل عمله ومن ثم كانت عادة رسول الله ﷺ أن يكرر عليهم ما كان يعظهم به وينصح ثلاث مرات وسبعاً ليركزه في قلوبهم ويغرسه في صدورهم ﴿تقشعر﴾ أي: تضطرب وتشمئز ﴿منه﴾ عند ذكر وعيده ﴿جلود﴾ أي: ظواهر أجسام ﴿الذين يخشون﴾ أي: يخافون ﴿ربهم﴾ والمعنى تأخذهم قشعريرة وهو تغير يحدث في جلد الإنسان عند ذكر آيات العذاب ﴿ثم تلين﴾ أي: تطمئن ﴿جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله﴾ أي: عند ذكر وعده، والمعنى إذا ذكرت آيات الرحمة لانت وسكنت قلوبهم كما قال تعالى: ﴿ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾ (الرعد: ٢٨)
روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تعالى تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها» وفي رواية: «حرمه الله على النار» قال قتادة: هذا نعت أولياء الله تعالى نعتهم الله تعالى بأن تقشعر جلودهم وتطمئن قلوبهم بذكر الله ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم وإنما ذلك في أهل البدع وهو من الشيطان.
(٩/٣٦٩)
---