وكفاهم الله تعالى شر من عاداهم ويحتمل أن يراد بقراءة الإفراد: الجنس فتساوي قراءة الجمع وقيل: المراد أن الله تعالى كفى نوحاً عليه السلام الغرق وإبراهيم عليه السلام الحرق ويونس عليه السلام بطن الحوت فهو سبحانه وتعالى كافيك يا محمد كما كفى هؤلاء الرسل قبلك.
﴿ويخوفونك﴾ أي: عباد الأصنام ﴿بالذين من دونه﴾ وذلك أن قريشاً خوفوا النبي ﷺ معاداة الأوثان، وقالوا: لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنون فأنزل الله تعالى هذه الآية، وروي: «أنه ﷺ بعث خالداً إلى العزى ليكسرها فقال له سادتها أي: خادمها: لا تدركها أحذركها يا خالد إن لها شدة لا يقوم لها شيء، فعمد خالد إليها فهشم أنفها فنزلت هذه الآية».
ولما شرح الله الوعد والوعيد والترغيب والترهيب ختم الكلام بخاتمة هي: الفصل فقال تعالى شأنه ﴿ومن يضلل الله﴾ أي: الذي له الأمر كله ﴿فما له من هاد﴾ أي: يهديه إلى الرشاد.
(٩/٣٨١)
---
﴿ومن يهد الله فما له من مضل﴾ أي: فهذه الدلائل والبينات لا تنفع إلا إذا خص الله العبد بالهداية والتوفيق إذ لا راد لفعله كما قال تعالى: ﴿أليس الله﴾ أي: الذي بيده كل شيء ﴿بعزيز﴾ أي: غالب على أمره ﴿ذي انتقام﴾ أي: من أعدائه بلى هو كذلك، وفي هذا تهديد للكفار.
ولما بين تعالى وعيد المشركين ووعد الموحدين عاد إلى إقامة الدليل على تزييف طريق عبدة الأوثان وهذا الترتيب مبني على أصلين الأول: أن هؤلاء المشركين مقرون بوجود الإله القادر العالم الحكيم الرحيم وهو المراد من قوله تعالى:
(٩/٣٨٢)
---


الصفحة التالية
Icon