(٩/٣٩٩)
---
أي: فإنه لم يصرح بثبوت هذه الصفات المذكورة لابن الحشرج بل كنى عن ذلك في قبة مضروبة عليه فأفاد اثباتها له، والقبة تكون فوق الخيمة تتخذها الرؤساء، وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة والدوري عن أبي عمرو بين بين وورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بالفتح ﴿وإن﴾ أي: والحال إني ﴿كنت﴾ أي: كان ذلك في طبعي ﴿لمن الساخرين﴾ أي: المستهزئين المتكبرين المنزلين أنفسهم في غير منزلتها وذلك أنه ما كفاني المعصية حتى كنت أسخر من أهل الطاعة أي: تقول هذا لعله يقبل منها ويعفى عنها على عادة المعترفين في وقت الشدائد لعلهم يعاودون إلى أجمل العوائد. الثاني من الكلمات التي حكاها الله تعالى عنهم بعد نزول العذاب عليهم: ما ذكره الله تعالى بقوله سبحانه:
(٩/٤٠٠)
---
﴿أو تقول﴾ أي: تلك النفس المفرطة ﴿لو أن الله﴾ أي: الذي له القدرة الكاملة والعلم الشامل ﴿هداني﴾ أي: لبيان الطريق ﴿لكنت من المتقين﴾ أي: الذين لا يقدمون على فعل إلا ما يدلهم عليه دليل. الثالث من الكلمات ما ذكره الله تعالى بقوله سبحانه:
(٩/٤٠١)
---
﴿أو تقول﴾ أي: تلك النفس المفرطة ﴿حين ترى العذاب﴾ أي: الذي واجهها عياناً ﴿لو أن﴾ أي: يا ليت ﴿لي كرة﴾ أي: رجعة إلى دار العمل ﴿فأكون﴾ أي: يتسبب عن رجوعي إليها أن أكون ﴿من المحسنين﴾ أي: العاملين بالإحسان الذي دعا إليه القرآن.
تنبيه: في نصب فأكون وجهان أحدهما: عطفه على كرة فإنها مصدر فعطف مصدر مؤول على مصدر مصرح به كقولها:
*للبس عباءة وتقر عيني ** أحب إلي من لبس الشفوف*
والثاني: أنه منصوب على جواب التمني المفهوم من قوله تعالى: ﴿لو أن لي كرة﴾ والفرق بين الوجهين أن الأول: يكون فيه الكون متمنى ويجوز أن تضمر أن وأن تظهر، والثاني: يكون فيه الكون مترتباً على حصول المتمنى لا متمنى ويجب أن تضمر أن. ثم أجاب الله تعالى هذا القائل بقوله سبحانه: