﴿بلى قد جاءتك أياتي﴾ أي: القرآن وهي سبب الهداية ﴿فكذبت بها﴾ أي: قلت ليست من عند الله ﴿واستكبرت﴾ أي: تكبرت عن الإيمان بها ﴿وكنت من الكافرين﴾.
فإن قيل: هلا قرن الجواب بما هو جواب له وهو قوله: ﴿لو أن الله هداني﴾ (الزمر: ٥٧)
ولم يفصل بينهما؟ أجيب: بأنه لا يخلو إما أن يقدم على أخرى القرائن الثلاث فيفرق بينهن وإما أن تؤخر القرينة الوسطى، فلم يحسن الأول لما فيه من تبتير النظم بالجمع بين القرائن، وأما الثاني فيه من نقض الترتيب وهو التحسر على التفريط في الطاعة ثم التعلل بفقد الهداية، ثم تمنى الرجعة فكان الصواب ما جاء عليه وهو أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها ثم أجاب من بينها عما اقتضى الجواب، فإن قيل: كيف صح أن تقع بلى جواباً لغير منفي؟ أجيب: بأن قوله ﴿لو أن الله هداني﴾ بمعنى ما هديت.
(٩/٤٠٢)
---
﴿ويوم القيامة﴾ أي: الذي لا يصح في الحكمة تركه ﴿ترى﴾ أي: أيها المحسن ﴿الذين كذبوا على الله﴾ أي: الحائز لجميع صفات الكمال بنسبة الشريك والولد إليه، وقال الحسن: هم الذين يقولون إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل، قال البقاعي: وكأنه عنى من المعتزلة الذين اعتزلوا مجلسه وابتدعوا قولهم إنهم يخلقون أفعالهم قال: ويدخل فيه من تكلم في الدين بجهل وكل من كذب وهو يعلم أنه كاذب في أي شيء كان، فإنه من حيث إن فعله فعل من يظن أن الله تعالى لا يعلم كذبه أي: ولا يقدر على جزائه كأنه كذب على الله وقوله تعالى: ﴿وجوههم مسودة﴾ جملة من مبتدأ وخبر في محل نصب على الحال من الموصول لأن الرؤية بصرية وقيل: في محل نصب مفعولاً ثانياً لأن الرؤية قلبية، ورد بأن تعلق الرؤية البصرية بالأجسام وألوانها أظهر من تعلق القلبية بهما، وذكر أن هذا السواد مخالف لسائر أنواع السواد ﴿أليس في جهنم مثوى﴾ أي: مأوى ﴿للمتكبرين﴾ أي: الذين تكبروا على اتباع أمر الله تعالى وهو تقرير لأنهم يرونه كذلك.