وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: «هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش». وقال جابر: هو موسى عليه السلام لأنه صعق فلا يصعق ثانياً وقال قتادة: الله أعلم بهم وليس في القرآن والأخبار ما يدل على أنهم من هم وهذا أسلم، ﴿ثم نفخ فيه﴾ أي: في الصور نفخة ﴿أخرى﴾ أي: نفخة ثانية ﴿فإذا هم﴾ أي: جميع الخلائق الموتى ﴿قيام﴾ أي: قائمون ﴿ينظرون﴾ أي: يقبلون أبصارهم في الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب جسيم، وقيل: ينتظرون أمر الله تعالى فيهم وهذا يدل على أن هذه النفخة متأخرة عن النفخة الأولى لأن لفظة ثم للتراخي، وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «ما بين النفختين أربعون قالوا: أربعون يوماً، قال أبو هريرة: أبيت، قالوا: أربعون شهراً، قال: أبيت، قالوا: أربعون سنة، قال: أبيت، قال: ثم ينزل الله تعالى من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة» وقوله تعالى: ﴿فإذا هم﴾ يدل على أن قيامهم يحصل عقب هذه النفخة الأخيرة في الحال من غير تراخ لأن الفاء تدل على التعقيب.
ولما ذكر تعالى إقامتهم بالحياة التي هي نور البدن أتبعه بنور أرض القيامة فقال:
(٩/٤١٢)
---
﴿وأشرقت﴾ أي: أضاءت إضاءة عظيمة مالت بها إلى الحمرة ﴿الأرض﴾ أي: التي أوجدت لحشرهم وليست بأرضنا الآن لقوله تعالى: ﴿يوم تبدل الأرض غير الأرض﴾ (إبراهيم: ٨)
. ﴿بنور ربها﴾ أي: خالقها وذلك حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين خلقه قال ﷺ «سترون ربكم» وقال: «كما لا تضارون في الشمس في يوم الصحو» وقال الحسن والسدي: بعدل ربها. ﴿ووضع الكتاب﴾ أي: كتاب الأعمال للحساب لقوله تعالى: ﴿وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً﴾ (الإسراء: ١٣)