ولما ذكر تعالى السوق ذكر غايته بقوله تعالى: ﴿حتى إذا جاؤوها﴾ اختلف في جواب إذا على أوجه أحدها قوله تعالى: ﴿وفتحت أبوابها﴾ والواو زائدة وهو رأي الكوفيين والأخفش، وإنما جيء هنا بالواو دون التي قبلها لأن أبواب السجون مغلقة عادة إلى أن يجيئها صاحب الجريمة فتفتح له ثم تغلق عليه فناسب ذلك عدم الواو فيها بخلاف أبواب السرور والفرح فإنها تفتح انتظاراً لمن يدخلها، فعلى هذا أبواب جهنم تكون مغلقة لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها، فأما أبواب الجنة ففتحها يكون مقدماً على دخولهم إليها كما قال تعالى: ﴿جنات عدن مفتحة لهم الأبواب﴾ (ص: ٥٠)
فلذلك جيء بالواو فكأنه قال: حتى إذا جاؤوها وقد فتحت أبوابها.
ثانيها قوله تعالى: ﴿وقال لهم خزنتها﴾ أي: بزيادة الواو أيضاً أي: حتى إذا جاؤوها قال لهم خزنتها، ثالثها: قال الزجاج: القول عندي إن الجواب محذوف تقديره دخلوها بعد قوله تعالى: ﴿إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها﴾ أي: حين الوصول ﴿سلام عليكم﴾ تعجيلاً للمسرة بالبشارة بالسلامة التي لا عطب فيها ﴿طبتم﴾ أي: صلحتم لسكناها لأنها دار طهرها الله تعالى من كل دنس وطيبها من كل قذر فلا يدخلها إلا مناسب لها موصوف بصفتها فما أبعد أحوالنا من تلك المناسبة وما أضعف سعينا في اكتساب تلك الصفة إلا أن يهب لنا الوهاب الكريم توبة نصوحاً تنقي أنفسنا من درن الذنوب وتميط وضر هذه القلوب ثم سببوا عن ذلك ﴿فادخلوها خالدين﴾ أي: مقدرين الخلود. وسمى بعضهم الواو في قوله تعالى: ﴿وفتحت﴾ واو الثمانية قال: لأن أبواب الجنة ثمانية وكذا قالوا في قوله تعالى: ﴿وثامنهم كلبهم﴾ (الكهف: ٢٢)
وقيل: تقدير الجواب ﴿حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها﴾ يعني أن الجواب بلفظ الشرط ولكنه بزيادة تقييده بالحال فلذلك صح، وقدره الجلال المحلي بقوله: دخلوها وقال: إن قوله تعالى:
(٩/٤١٦)
---


الصفحة التالية
Icon