ولما سلَّى تعالى رسوله ﷺ بذكر الكفار الذين كذبوا الأنبياء عليهم السلام قبله وبمشاهدة آثارهم، سلاه أيضاً بذكر قصة موسى عليه السلام المذكورة في قوله تعالى:
﴿ولقد أرسلنا﴾ أي: على ما لنا من العظمة ﴿موسى بآياتنا﴾ أي: الدالة على جلالنا ﴿وسلطان﴾ أي: أمر قاهر عظيم جداً لا حيلة لهم في مدافعة شيء منه ﴿مبين﴾ أي: بين في نفسه يتبين لكل من يمكن إطلاعه عليه أنه ظاهر، وذلك الأمر هو الذي كان يمنع فرعون من الوصول إلى أذاه مع ما له من القوة والسلطان.
﴿إلى فرعون﴾ أي: ملك مصر ﴿وهامان﴾ أي: وزيره ﴿وقارون﴾ أي: قريب موسى ﴿فقالوا﴾ أي: هؤلاء ومن معهم هو ﴿ساحر﴾ لعجزهم عن مقاهرته أما من عدا قارون فأولاً وآخراً بالقوة والفعل، وأما قارون ففعله آخراً بين أنه مطبوع على الكفر وإن آمن أولاً، وإن هذا كان قوله وإن لم يقله بالفعل في ذلك الزمان فقد قاله في النية، فدل ذلك على أنه لم يزل قائلاً به لأنه لم يتب منه ثم وصفوه بقولهم: ﴿كذاب﴾ لخوفهم من تصديق الناس له.
(٩/٤٤٨)
---