﴿فلما جاءهم بالحق﴾ أي: بالأمر الثابت الذي لا طاقة لأحد بتغيير شيء منه كائناً ﴿من عندنا﴾ على ما لنا من القهر فآمن معه طائفة من قومه ﴿قالوا﴾ أي: فرعون وأتباعه ﴿اقتلوا﴾ أي: قتلاً حقيقياً بإزالة الروح ﴿أبناء الذين آمنوا﴾ به أي: فكانوا ﴿معه﴾ أي: خصوهم بذلك واتركوا من عداهم فلعلهم يكذبونه ﴿واستحيوا نساءهم﴾ أي: اطلبوا حياتهن بأن لا تقتلوهن، قال قتادة: هذا غير القتل الأول لأن فرعون كان قد أمسك عن قتل الولدان، فلما بعث موسى عليه السلام أعاد القتل عليهم فمعناه أعيدوا عليهم القتل لئلا ينشؤوا على دين موسى فيقوى بهم، وهذه العلة مختصة بالبنين فلهذا أمر بقتل الأبناء واستحياء نسائهم ﴿وما﴾ أي: والحال أنه ما ﴿كيد الكافرين﴾ تعميماً وتعليقاً بالوصف ﴿إلا في ضلال﴾ أي: مجانبة للسداد الموصل إلى الظفر والفوز لأنه ما أفادهم أولاً في الحذر من موسى عليه السلام ولا آخراً في صد من آمن به مرادهم بل كان فيه تبارهم وهلاكهم، وكذا أفعال الفجرة مع أوليائه تعالى ما حفر أحد منهم لأحد منهم حفرة مكراً إلا أركسه الله تعالى فيها.
(٩/٤٤٩)
---