﴿فأرسلنا﴾ أي: بسبب ذلك على مالنا من العظمة ﴿عليهم ريحاً﴾ أي: عظيمة ﴿صرصراً﴾ أي: شديد البرد والصوت والعصوف حتى كانت تجهد البدن ببردها فتكون كأنها تصره أي: تجمعه في موضع واحد فتمنعه التصرف بقوتها وتقطع القلب بصوتها فتقهر شجاعته وتمحق بشدة بردها كل ما مرت عليه، وقوله تعالى: ﴿في أيام نحسات﴾ أي: مشؤومات جمع نحسة، وقرأ ابن عامر والكوفيون بكسر الحاء من نحس، نحساً نقيض سعد سعداً فهو نحس والباقون بسكونها فهو إما مخفف نحس أو صفة على فعل أو وصف بمصدر قال الضحاك: أمسك الله تعالى عنهم المطر ثلاث سنين وكانت الريح عليهم من غير مطر، روي أن الأيام كانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء قال البيضاوي: وما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء.
وعن عبد الله بن عباس أنه قال: الرياح ثمان: أربع منها عذاب: وهي العاصفة والصرصر والعقيم والقاصف، وأربع منها رحمة: وهي المبشرات والناشرات والمرسلات والذاريات، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله تعالى ما أرسل على عاد من الريح إلا قدر خاتمي، وفعلنا ذلك بهم ﴿لنذيقهم عذاب الخزي﴾ أي: الذل والهوان ﴿في الحياة الدنيا﴾ كما استكبروا في الأرض بغير الحق فيذبلوا عند من تعظموا عليه في الدار التي اغتروا بها فتعظموا فيها، فإن ذلك أدل على القدرة عند من تقيد بالوهم ﴿ولعذاب الآخرة﴾ أي: الذي أعد للمتكبرين في الآخرة بغير الحق ﴿أخزى﴾ أي: أشد إهانة، وهو في الأصل صفة المعذب، وإنما وصف به العذاب على الإسناد المجازي للمبالغة ﴿وهم لا ينصرون﴾ أي: لا يوجد ولا يتجدد لهم نصر أبداً بوجه من الوجوه.
ولما أنهى تعالى أمر صاعقة عاد، شرع في بيان صاعقة ثمود فقال تعالى:
(١٠/٢٥)
---