﴿قل﴾ أي: يا أفضل الخلق لهؤلاء البعداء البغضاء ﴿أولو﴾ أي: أتبغون ذلك ولو ﴿جئتم بأهدى﴾ أي: بأمر أعظم في الهداية وأوضح في الدلالة ﴿مما وجدتم﴾ أي: أيها المقتدون بالآباء ﴿عليه آباءكم﴾ أي: كما تضمن قولكم أنكم تقتفون في اتباعكم بالآثار في أعظم الأشياء وهو الدين الذي الخسارة فيه خسارة للنفس وأنتم تخالفونهم في أمر نفس الدنيا إذا وجدتم طريقاً أهدى في التصرف فيها من طريقتهم ولو أمراً يسيراً، ويفتخر أحدكم بأنه أدرك من ذلك ما لم يدرك أبوه فحصل من المال أكثر مما حصل فيا له من نظر ما أقصره ومتجر ما أخسره، وقرأ ابن عامر وحفص: قال بصيغة الماضي أي: قال المنذر أو الرسول وهو النبي ﷺ والباقون: قل بصيغة الأمر للنبي ﷺ ثم أجابوه بأن ﴿قالوا﴾ مؤكدين رداً لما قطع به كل عاقل سمع هذا الكلام من أنهم يبادرون النظر في الدليل والرجوع إلى سواء السبيل ﴿إنا بما أرسلتم به﴾ أي: أنت ومن قبلك ﴿كافرون﴾ أي: ساترون لما ظهر من ذلك جهدنا حتى لا يظهر لأحد ولا يتبعكم فيه مخلوق وإن كان أهدى مما كان عليه آباؤنا فعند هذا لم يبق لهم عذر فلهذا قال تعالى:
﴿فانتقمنا﴾ أي: بما لنا من العظمة التي استحقوا بها ﴿منهم﴾ فأهلكناهم بعذاب الاستئصال ثم عظم أمر النقمة بالأمر بالنظر فيها في قوله: ﴿فانظر﴾ يا أفضل الرسل ﴿كيف كان عاقبة﴾ أي: آخر أمر ﴿المكذبين﴾ لرسلنا فإنهم أهلكوا أجمعون ونجا المؤمنون أجمعون فليحذر من رد رسالتك من مثل ذلك، وهذا تهديد عظيم لكفار قريش. ثم بين تعالى وجهاً آخر يدل على فساد التقليد بقوله تعالى:
(١٠/١٣٨)
---