وبه ظهرت درجات أرباب السعادات ودركات أرباب الشقاوات فعلى هذا لا شيء إلا والقرآن أعظم قدراً وأعلى ذكراً وأعظم منصباً، وحيث أطبقوا على أن ليلة القدر هي التي وقعت في رمضان علمنا أن القرآن إنما أنزل في تلك الليلة وهذه أدلة ظاهرة واضحة، واحتج الآخرون على أنها ليلة النصف من شعبان بوجوه؛ أولها: أن لها أربعة أسماء الليلة المباركة وليلة البراءة وليلة الصك وليلة الرحمة، وقيل: بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة.
(١٠/١٨٢)
---
وقيل في تسميتها: ليلة البراءة والصك أن البندار إذا استوفى الخراج من أهله كتب لهم البراءة وكذلك الله تعالى يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة، ثانيها: أنها مختصة بخمس خصال الأولى: قال تعالى: ﴿فيها يفرق كل أمر حكيم﴾ والثانية: فضيلة العبادة فيها، روى الزمخشري أنه ﷺ قال: «من صلى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله تعالى إليه مائة ملك: ثلاثون يبشرونه بالجنة، وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار، وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا، وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان». ثالثها: نزول الرحمة قال ﷺ «إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب». رابعها: حصول المغفرة فيها قال ﷺ «إن الله يغفر لجميع المسلمين في تلك الليلة إلا الكاهن والساحر ومدمن الخمر وعاق والديه والمصر على الزنا». خامسها: أنه تعالى أعطى رسول الله ﷺ في هذه الليلة تمام الشفاعة في أمته، قال الزمخشري: وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطي الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطي الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطي الجميع إلا من شرد عن الله شرود البعير.
وروي أن عطية الحروري سأل ابن عباس عن قوله تعالى: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ (القدر: ١)
(١٠/١٨٣)
---