﴿فأتوا﴾ أي: أيها الزاعمون أنا نبعث بعد الموت ﴿بآبائنا﴾ أي: لكوننا نعرفهم ونعرف وفور عقولهم ﴿إن كنتم صادقين﴾ أي: ثابتاً صدقكم في أنا نبعث يوم القيامة أحياء بعد الموت ثم خوفهم الله تعالى بمثل عذاب الأمم الخالية فقال تعالى:
﴿أهم خير﴾ أي: في الدين والدنيا ﴿أم قوم تُبّع﴾ أي: ليسوا خيراً منهم فهو استفهام على سبيل الإنكار، قال أبو عبيدة: ملوك اليمن كل واحد منهم يسمى تبعاً لأن أهل الدنيا كانوا يتبعونه، وموضع تبع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم الأعاظم في ملوك الحرب، وقال قتادة: هو تبع الحميري وكان من ملوك اليمن سمي بذلك: لكثرة أتباعه وكان هذا يعبد النار فأسلم ودعا قومه وهم حمير إلى الإسلام فكذبوه، ولذلك ذم الله تعالى قومه ولم يذمه، وعن النبي ﷺ «لا تسبوا تبعاً فإنه قد أسلم». وعنه ﷺ «ما أدري أكان تبع نبياً أو غير نبي». وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «لا تسبوا تبعاً فإنه كان رجلاً صالحاً». وذكر عكرمة عن ابن عباس: أنه كان تبع الآخر وهو أبو كرب أسعد بن مليك وكان سار بالجيوش نحو المشرق وحبر الحبر وبنى قصر سمرقند، وملك بقومه الأرض طولها والعرض وكان أقرب المملكين إلى قريش زماناً ومكاناً، وكان له بمكة المشرفة ما ليس لغيره من الآثار، قال الرازي في اللوامع: هو أول من كسا البيت ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق.
قال البغوي بعد أن ذكر قصته مع الأنصار: لما قتل ابنه غيلة في المدينة الشريفة وما وعظ به اليهود في الكف عن خراب المدينة لأنها مهاجر نبي من قريش إنه صدقهم واتبع دينهم وذلك قبل نسخه. وعن الرياشي آمن تبع بالنبي ﷺ قبل أن يبعث بسبعمائة عام، فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: ﴿أهم خير أم قوم تبع﴾ مع أنه لا خير في الفريقين؟ أجيب: بأن معناه أهم خير في القوة والشوكة كقوله تعالى: ﴿أكفاركم خير من أولئكم﴾ (القمر: ٤٣)


الصفحة التالية
Icon