(١٠/١٩٩)
---
بعد ذكر آل فرعون ويجوز في قوله تعالى: ﴿والذين من قبلهم﴾ أي: مشاهير الأمم كمدين وأصحاب الأيكة والرس وثمود وعاد، ثلاثةُ أوجه؛ أحدها: أن يكون معطوفاً على قوم تبع، ثانيها: أن يكون مبتدأ وخبره ﴿أهلكناهم﴾ أي: بعظمتنا وإن كانوا أصحاب مكنة وقوة، وأما على الأول ﴿فأهلكناهم﴾ إما مستأنف، وإما حال من الضمير المستكن في الصلة، ثالثها: أن يكون منصوباً بفعل مقدر يفسره أهلكناهم ولا محل لأهلكناهم حينئذ ﴿إنهم كانوا﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿مجرمين﴾ أي: عريقين في الإجرام فليحذر هؤلاء إن ارتكبوا مثل أفعالهم من مثل حالهم.
ولما أنكر تعالى على كفار مكة قولهم، ووصفهم بأنهم أضعف ممن كان قبلهم، ذكر الدليل القاطع على صحة القول بالبعث والقيامة فقال تعالى:
﴿وما خلقنا السموات﴾ أي: على عظمها واتساع كل واحدة منها واحتوائها لما تحتها وجمعها لأن العمل كلما زاد كان أبعد عن العبث.
ولما كان الدليل على تطابق الأرض دليلاً دقيقاً وحدها بقوله تعالى: ﴿والأرض﴾ أي: على ما فيها من المنافع ﴿وما بينهما﴾ أي: النوعين وبين كل واحدة منهما وما يليها ﴿لاعبين﴾ أي: على ما لنا من العظمة التي يدرك من له أدنى عقل تعاليها عن اللعب لأنه لا يفعله إلا ناقص، ولو تركنا الناس يبغي بعضهم على بعض كما تشاهدون ثم لا نأخذ لضعيفهم بحقه من قويهم لكان خلقنا لهم لعباً بل اللعب أخف منه، ولم نكن على ذلك التقدير مستحقين للصفة القدسية وقد تقدم تقرير هذا الدليل في أول سورة يونس وفي آخر سورة المؤمنين عند قوله تعالى: ﴿أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً﴾ (المؤمنون: ١١٥)
وفي ص عند قوله تعالى ﴿وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً﴾ (ص: ٢٨)
.r
(١٠/٢٠٠)
---


الصفحة التالية
Icon