﴿كالمهل﴾ أي: وهو ما يمهل في النار حتى يذوب من ذهب أو فضة وكل ما في معناهما من المنطبعات سواء كان من صفر أو حديد أو رصاص، وقيل: هو عكر القطران، وقيل: عكر الزيت وقرأ ﴿يغلي في البطون﴾ أي: من شدة الحر ابن كثير وحفص بالياء التحتية على أن الفاعل ضمير يعود على طعام، وجوز أبو البقاء أن يعود على الزقوم، وقيل: يعود على المهل نفسه والباقون بالتاء الفوقية على أن الفاعل ضمير الشجر.
﴿كغلي﴾ أي: مثل غلي ﴿الحميم﴾ أي: الماء الذي تناهى حره بما يوقد تحته، وعن ابن عباس أن النبي ﷺ قال: «لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن تكون طعامه» ويقال للزبانية:
﴿خذوه﴾ أي: هذا الأثيم أخذ قهر فلا تدعوه يملك من أمره شيئاً ﴿فاعتلوه﴾ أي: جروه بقهر بغلظة وعنف وسرعة إلى العذاب والإهانة بحيث يكون كأنه محمول، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر بضم التاء والباقون بكسرها وهما لغتان في مضارع عتل، قال البقاعي: وقراءة الضم أدل على تناهي الغلظة والشدة من قراءة الكسر ﴿إلى سواء﴾ أي: وسط ﴿الجحيم﴾ أي: النار التي هي غاية في الاضطرام والتوقد وهو موضع خروج الشجرة التي هي طعامه.
﴿ثم صبوا فوق رأسه﴾ أي: ليكون المصبوب محيطاً بجميع جسده ﴿من عذاب الحميم﴾ أي: من الحميم الذي لا يفارقه العذاب فهو أبلغ مما في آية ﴿يصب من فوق رؤوسهم الحميم﴾ (الحج: ١٩)
ويقال له توبيخاً وتقريعاً:
(١٠/٢٠٤)
---
﴿ذق﴾ أي: العذاب ﴿إنك﴾ وأكد بقوله: ﴿أنت﴾ أي: وحدك دون هؤلاء الذين يخبرون بحقارتك ﴿العزيز الكريم﴾ بزعمك وقولك: ما بين جبليها أعز وأكرم مني، وقرأ الكسائي بفتح الهزة بعد القاف على معنى العلة أي: لأنك، وقيل: تقديره ذق عذاب الحميم إنك أنت العزيز، والباقون بالكسر على الاستئناف المفيد للعلة فتتحد القراءتان معنى، وهذا الكلام الذي على سبيل التهكم أغيظ للمستهزأ به ومثله قول جرير لشاعر سمى نفسه زهرة اليمن: