*ألم يكن في رسوم قد رسمت بها ** من كان موعظة يا زهرة اليمن*
وكان هذا الشاعر قد قال:
*أبلغ كليباً وأبلغ عنك شاعرها ** أني الأعز وأني زهرة اليمن*
ويقال لهم:
﴿إن هذا﴾ أي: الذي ترون من العذاب ﴿ما كنتم به﴾ أي: جبلة وطبعاً ﴿تمترون﴾ أي: تعالجون أنفسكم وتحملونها على الشك فيه وتردونها عما لها من الفطرة الأولى من التصديق بالممكن لاسيما من جرب صدقه وظهرت خوارق العادات على يده بحيث كنتم لشدة ردكم له كأنكم تخصونه بالشك.
ولما ذكر سبحانه وتعالى وعيد الكفار أردفه بآيات الوعد فقال:
﴿إن المتقين﴾ أي: العريقين في هذا الوصف ﴿في مقام﴾ أي: موضع إقامة لا يريد الحال فيه تحولاً عنه ﴿أمين﴾ أي: يأمن صاحبه فيه من كل ما لا يعجبه، وقرأ نافع وابن عامر بفتح الميم أي: في مجلس أمين، والباقون بضمها على المصدر أي: في إقامة وقوله تعالى:
﴿في جنات﴾ أي: بساتين تقصر العقول عن إدراك كل وصفها، بدل من قوله تعالى في مقام أمين أو خبر ثان وقرأ ﴿وعيون﴾ ابن كثير وابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بكسر العين، والباقون بضمها.
ولما كان لا يتم العيش إلا بكسوة البدن أشار إلى ذلك بقوله تعالى:
(١٠/٢٠٥)
---
﴿يلبسون﴾ ودل على الكثرة جداً بقوله تعالى: ﴿من سندس﴾ وهو ما رق من الحرير يعمل وجوهاً ﴿وإستبرق﴾ هو ما غلظ منه يعمل بطائن، وسمي بذلك: لشدة بريقه وقوله تعالى: ﴿متقابلين﴾ أي: في مجلسهم ليستأنس بعضهم ببعض حال وقوله: ﴿يلبسون﴾ حال من الضمير المستكن في الجار أو خبر ثان فيتعلق الجار به أو مستأنف، فإن قيل: الجلوس على هذه الهيئة موحش لأن كل واحد منهم يصير مطلعاً على ما يفعل الآخر وأيضاً فقليل الثواب إذا طلع على كثيره ينغص عليه؟ أجيب: بأن أحوال الآخرة ليست كأحوال الدنيا وقد قال تعالى ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل﴾ (الأعراف: ٤٣)
وقوله تعالى: