﴿ومن أضلّ﴾ وهو استفهام بمعنى النفي أي: لا أحد أضل ﴿ممن يدعو﴾ أي: يعبد ما لا قدرة له ولا علم. ومن انتفت قدرته وعلمه لم تصح عبادته ببديهة العقل. وأرشد إلى سفولها بقوله عز وجل. ﴿من دون الله﴾ أي: من أدنى رتبة من رتب الذي له صفات الكمال فهو يعلم كل شيء. ويقدر على كل شيء فهو بحيث يجيب الدعاء، ويكشف البلاء ويحقق الرجاء إذا شاء، ويدبر عبده لما يعلم من سرّه وعلنه بما لا يقدر هو على تدبير نفسه به، ويريد العبد في كثير من الأشياء ما لو وكل فيه إلى نفسه، وأجيب إلى طلبته، كان فيه حتفه فيدبره سبحانه بما تشتدّ كراهته له، فيكشف الحال على أنه لم يكن له فرج إلا فيه. ﴿من لا يستجيب له﴾ أي: لا توجد الإجابة، ولا يطلب إيجادها من الأصنام وغيرها، لأنه لا أهلية له لذلك. والمعنى: أنه لا أحد أبعد عن الحق وأقرب إلى الجدل، ممن يدعو من دون الله الأصنام، فيتخذها آلهة ويعبدها وهي إذا دعيت لا تسمع ولا تجيب لا في الحال، ولا في المآل ﴿إلى يوم القيامة﴾ وإنما جعل ذلك غاية؛ لأنّ يوم القيامة قد قيل: إن الله تعالى يحييها ويخاطب من يعبدها. فلذلك جعله الله تعالى حدّاً وقيل المراد عبدة الملائكة وعيسى وأنهم يوم القيامة يظهرون عبادة هؤلاء العابدين. ﴿وهم عن دعائهم﴾ أي: دعاء المشركين إياهم. ﴿غافلون﴾ أي: لهم هذا الوصف لا ينفكون عنه لا يعلمون من يدعوهم ومن لا يدعوهم وعبر بالغفلة التي هي من أوصاف العقلاء للجماد تغليباً إن كان المراد أعمّ من الأصنام وغيرها مما عبدوه من عقلاء الإنس وغيرهم ولما غيّا سبحانه بيوم القيامة فأفهم أنهم يستجيبون لهم فيه، بيّن ما يحاورونهم به إذ ذاك. فقال تعالى:
(١١/٤)
---


الصفحة التالية
Icon