وإنما تعدى بفي لتضمنه معنى ألطف بي في ذرّيتي، أو لأنه جعل الذرّية ظرفاً للإصلاح والمعنى: هب لي الصلاح في ذرّيتي وأوقعه فيهم.
﴿إني تبت﴾ أي: رجعت ﴿إليك﴾ عن كل ما يقدح في الإقبال عليك. وأكده إعلاماً بأنّ حاله في الإقبال على الشهوات حال من يبعد منه الإقلاع: فينكر إخباره به وكذا قوله: ﴿وإني من المسلمين﴾ أي: الذين أسلموا بظواهرهم وبواطنهم فانقادوا أتمّ انقياد. ﴿أولئك﴾ أي: العالون الرتبة، القائلون هذا القول أبو بكر، وغيره.
﴿الذين يتقبل﴾ بأسهل وجه ﴿عنهم﴾ وأشار بصيغة التفعل إلى أنه يعمل في قبوله عمل المعتني، والتقبل من الله هو إيجاب الثواب له على عمله وقوله تعالى: ﴿أحسن ما عملوا﴾ أي: أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا.
فإن قيل: كيف قال الله تعالى ﴿أحسن﴾ والله تعالى يتقبل الأحسن وما دونه؟.
أجيب بوجهين أحدهما: أنّ المراد بالأحسن الحسن، كقوله تعالى: ﴿واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم﴾ (الزمر: ٥٥)
وكقوله: الناقص والأشج أعدلا بني مروان. أي: عادلا بني مروان.
ثانيهما: أنّ الحسن من الأعمال هو المباح الذي لا يتعلق به ثواب ولا عقاب. والأحسن ما يغاير ذلك، وهو المندوب، أو الواجب.
ولما كان الإنسان محل النقصان وإن كان محسناً، نبه على ذلك بقوله تعالى:
﴿ويتجاوز﴾ أي بوعد لا خلف فيه ﴿عن سيئاتهم﴾ أي: فلا يعاقبهم عليها. وقرأ حفص وحمزة والكسائي: بنون مفتوحة قبل الفوقية من ﴿يتقبل﴾ ونصب ﴿أحسن﴾، ونون مفتوحة قبل الفوقية من ﴿يتجاوز﴾ والباقون بياء مضمومة قبل الفوقية من ﴿يتقبل﴾، و﴿يتجاوز﴾ ورفع ﴿أحسن﴾ وقوله تعالى:
(١١/٢٠)
---