أجيب بأنه في المواضع التي فيها ما يوهم اختصاص المؤمنين بالخير الموعود به مع مشاركة المؤمنات لهم ذكرهنّ الله تعالى صريحاً وفي المواضع التي فيها ما لا يوهم ذلك اكتفى بدخولهم في المؤمنين كقوله تعالى: ﴿وبشر المؤمنين﴾ ولما كان ههنا قوله تعالى: ﴿ليدخل المؤمنين﴾ متعلقاً بالأمر بالقتال والمرأة لا تقاتل فلا تدخل الجنة الموعود بها فصرح الله تعالى بذكرهنّ ﴿ويكفر﴾ أي يستر ستراً بليغاً ﴿عنهم سيئاتهم﴾ فلا يظهرها، فإن قيل: تكفير السيئات قبل الإدخال فكيف ذكره بعده أجيب بأنّ الواو لا تقتضي الترتيب بأنّ تكفير السيئات والمغفرة من توابع كون المكلف من أهل الجنة فقدم الادخال في الذكر بمعنى أنه من أهل الجنة ﴿وكان ذلك﴾ أي: الإدخال والتكفير ﴿عند الله﴾ أي: الملك الأعظم ذي الجلال والإكرام ﴿فوزاً عظيماً﴾ لأنه منتهى ما يطلب من جلب نفع ودفع ضر.
تنبيه: ﴿عند﴾ متعلق بمحذوف على أنه حال من ﴿فوزاً﴾ ولما كان من أعظم الفوز إقرار العين بالانتقام من العدوّ وكان العدوّ الكاتم أشدّ من المجاهر المراغم. قال تعالى:
﴿ويعذب المنافقين﴾ المخفين للكفر المظهرين الإيمان أي: فيزيل كل ما لهم من العذوبة ﴿والمنافقات﴾ لما غاظهم من ازدياد الإيمان ﴿والمشركين والمشركات﴾ أي: المظهرين الكفر للمؤمنين وقدّم المنافقين على المشركين في كثير من المواضع؛ لأنهم كانوا أشدّ على المؤمنين من الكفار المجاهرين؛ لأن المؤمن كان يتوقى المشرك المجاهر ويخالط المنافق لظنه إيمانه وكان يفشي أسراره وإلى هذا أشار النبي ﷺ بقوله «أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك» ولهذا قال الشاعر:
*احذر عدوّك مرّة ** واحذر صديقك ألف مرّة*
*فلربما انقلب الصدي ** ق فكان أخبر بالمضرّة*
(١١/٩١)
---