وقوله تعالى: ﴿الظانين بالله﴾ أي: المحيط بصفات الكمال صفة للفريقين وأما قوله تعالى ﴿ظنّ السوء﴾ فقال أكثر المفسرين: هو أن لا ينصر محمداً ﷺ والمؤمنين، ولا يرجعهم إلى مكة ظافرين ﴿عليهم دائرة السوء﴾ أي: دائرة ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم لا يتخطاهم. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: بضم السين والباقون بالفتح. وهما لغتان كالكره والكره والضعف والضعف من ساء إلا أنّ المفتوح غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمّه من كل شيء، وأمّا السوء فجار مجرى الشرّ الذي هو نقيض الخير ﴿وغضب الله﴾ أي: الملك الأعظم بما له من صفات الجلال والجمال فاستعلى غضبه ﴿عليهم﴾ وهو أنه تعالى يعاملهم معاملة الغضبان بما لا طاقة لهم به ﴿ولعنهم﴾ أي: طردهم طرداً أنزلوا به أسفل السافلين فبعدوا به عن كل خير ﴿وأعد﴾ أي: هيأ ﴿لهم﴾ الآن ﴿جهنم﴾ تلقاهم بالعبوسة والتغيظ والزفير والتجهم كما كانوا يتجهمون عباد الله مع ما فيها من العذاب والحرّ والبرد والإحراق وغير ذلك من أنواع المشاق ﴿وساءت﴾ أي: جهنم ﴿مصيراً﴾ أي: مرجعاً. وقوله تعالى:
﴿ولله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿جنود السموات والأرض﴾ تقدم تفسيره.
وفائدة الإعادة التأكيد وجنود السموات والأرض منهم من هو للرحمة، ومنهم من هو للعذاب وقدّم ذكر جنود السموات والأرض قبل إدخال المؤمنين الجنة ليكون مع المؤمنين ملائكة الرحمة فتبشرهم على الصراط وعند الميزان، فإذا دخلوا الجنة أفضوا إلى جوار الله تعالى ورحمته والقرب منه فلا حاجة لهم بعد ذلك إلى شيء وأخرّ ذكر جنود السموات والأرض بعد ذكر تعذيب الكفار والمنافقين ليكون معهم جنود السخط فلا يفارقونهم أبداً كما قال تعالى ﴿عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم﴾ (التحريم: ٦)
فإن قيل: قال الله تعالى ﴿وكان الله عليماً حكيماً﴾ (النساء: ١٧)
(١١/٩٢)
---


الصفحة التالية
Icon