ثانيهما: قال ابن عباس ومجاهد: يد الله بالوفاء بما وعدهم من النصر والخير أقوى وأعلى من نصرتهم إياه. يقال: اليد لفلان أي الغلبة والقوة. وإن كانت بمعنيين ففي حق الله تعالى بمعنى الحفظ. وفي حق المبايعين بمعنى الجارحة. قال السدّي: كانوا يأخذون بيد رسول الله ﷺ ويبايعونه ويد الله تعالى فوق أيديهم في المبايعة وذلك أنّ المتبايعين إذا مدّ أحدهما يده إلى الآخر في البيع وبينهما ثالث يضع يده على أيديهما ويحفظ أيديهما إلى أن يتم العقد ولا يترك أحدهما يترك يد الآخر لكي يلزم العقد ولا يتفاسخان فصار وضع اليد فوق الأيدي سبباً لحفظ البيعة فقال تعالى: ﴿يد الله فوق أيديهم﴾ يحفظهم على البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين. قال البقاعي: فلعنة الله على من حمله على الظاهر من أهل العناد ببدعة الاتحاد وعلى من تبعهم على ذلك من الذين شاقوا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وسائر الأئمة الأعلام ورضوا لأنفسهم بأن يكونوا أتباع فرعون اللعين وناهيك به من ضلال مبين ا. ه وقد مرّ أنّ التأويل في الآيات المتشابهات مذهب الخلف، ومذهب السلف السكوت عن التأويل وإمرار الصفات على ما جاءت وتفسيرها قراءتها والإيمان بها من غير تشبيه ولا تكييف ولا تعطيل. ﴿فمن نكث﴾ أي: نقض البيعة في وقت من الأوقات فجعلها كالكساء والحبل البالي الذي ينقض ﴿فإنما ينكث﴾ أي: يرجع وبال نقضه ﴿على نفسه﴾ أي: فلا يضرّ إلا هي ﴿ومن أوفى﴾ أي: فعل الإتمام والإكثار والإطالة ﴿بما عاهد﴾ وقدم الظرف في قوله ﴿عليه الله﴾ أي الملك المحيط بكل شيء قدرة وعلماً من هذه المبايعات وغيرها اهتماماً به. وقرأ حفص بضم الهاء قبل الاسم الجليل والباقون بكسر الهاء والترقيق ﴿فسيؤتيه﴾ بوعد مؤكد لا خلف فيه ﴿أجراً عظيماً﴾ لا تسع عقولكم شرح وصفه. قال ابن عادل: والمراد به الجنة وقرأ أبو عمرو والكوفيون بالياء التحتية والباقون بالنون.
(١١/٩٧)
---


الصفحة التالية
Icon