وقوله تعالى: ﴿فضلاً﴾ مصدر منصوب بفعله المقدّر أي فضل وقيل: تعليل لكرّه أو حبب، وما بينهما اعتراض فهو امتنان عظيم ودرجة عالية ﴿من الله﴾ أي: الملك الأعظم الذي بيده كل شيء ﴿ونعمة﴾ أي: وعيشاً حسناً ناعماً وكرامة ﴿والله﴾ أي: المحيط بصفات الكمال ﴿عليم﴾ أي: محيط العلم يعلم أحوال المؤمنين وما بينهم من التفاضل. ﴿حكيم﴾ أي: بالغ الحكمة، فهو يضع الأشياء في أوفق محالها وأتقنها فكذلك وضع نعمته من الرسالة والإيمان على حسب علمه وحكمته ونزل في قضية.
﴿وإن طائفتان من المؤمنين﴾ الآية وهي أنّ النبيّ ﷺ ركب حماراً ومرّ علي ابن أبيّ فبال الحمار فسدّ ابن أبيّ أنفه فقال ابن رواحة لبول حماره: أطيب ريحاً من مسكك فكان بين قومهما ضرب بالأيدي والنعال والسعف. وعن أنس قال: «قيل للنبيّ ﷺ لو أتيت عبد الله بن أبيّ فانطلق إليه النبيّ ﷺ وركب حماراً وانطلق المسلمون يمشون معه وهو بأرض سبخة فلما أتاه النبيّ ﷺ فقال: إليك عني فوالله لقد أذاني نتن حمارك فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله ﷺ أطيب ريحاً منك فغضب لعبد الله رجل من قومه فتشاتما فغضب لكل واحد منهما أصحابه فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال فبلغنا أنها نزلت فيهم».
(١١/١٤٧)
---
ويروى أنهما لما نزلت قرأها رسول الله ﷺ فاصطلحوا وكف بعضهم عن بعض. وعن قتادة: نزلت في رجلين من الأنصار كان بينهما مدارأة في حق فقال أحدهما للآخر: لآخذنّ حقي منك عنوة لكثرة عشيرته، وإنّ الآخر دعاه ليحاكمه إلى النبيّ ﷺ فأبى أن يتبعه فلم يزل الأمر بينهما حتى تدافعوا وتناول بعضهم بعضاً بالأيدي والنعال ولم يكن قتال بالسيوف.


الصفحة التالية
Icon