وعن سفيان عن السدي قال: كانت امرأة من الأنصار يقال لها أمّ زيد تحت رجل وكان بينهما وبين زوجها شيء فرقى بها إلى علية وحبسها فبلغ ذلك قومها فجاؤوا وجاء قومه واقتتلوا بالأيدي والنعال فنزلت.
وجمع تعالى قوله سبحانه: ﴿اقتتلوا﴾ نظراً للمعنى لأنّ كل طائفة جماعة وثنى الضمير في قوله تعالى: ﴿فأصلحوا﴾ أي: أوقعوا الإصلاح ليحصل الصلح ﴿بينهما﴾ نظراً للفظ أي: أصلحوا بينهما بالنصح والدعاء إلى حكم الله تعالى ﴿فإن بغت﴾ أي: أوقعت الإرادات السيئة الكائنة من النفوس التي لا تأمر بخير ﴿إحداهما﴾ أي: الطائفتين ﴿على الأخرى﴾ فلم ترجع إلى حكم الله الذي خرجت عنه ولم تقبل الحق ﴿فقاتلوا﴾ أي: اطلبوا وأوجدوا مقاتلة ﴿التي تبغي﴾ أي توقع الإرادة السيئة وتصرّ عليها وأديموا القتال لها ﴿حتى تفيء﴾ أي: ترجع عما صارت إليه من حرّ القطيعة الذي كأنه حرّ الشمس حتى نسخه الظل إلى ما كانت فيه من البرد والخير الذي هو كالظل الذي نسخته الشمس.
(١١/١٤٨)
---
وهو معنى قوله تعالى: ﴿إلى أمر الله﴾ أي: التزام ما أمر به الملك الذي لا يهمل الظالم بل لا بدّ من أن يقاصصه. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتسهيل الهمزة الثانية كالياء والباقون بتحقيقهما ﴿فإن فاءت﴾ أي: رجعت إلى ما كانت عليه من التمسك بأمر الله الذي هو العدل ﴿فأصلحوا﴾ أي: أوقعوا الإصلاح ﴿بينهما بالعدل﴾ أي: بالإنصاف ولا يحملنكم القتال على الحقد على المقاتلين فتحيفوا ﴿وأقسطوا﴾ أي: وأزيلوا القسط بالفتح وهو الجور، بأن تفعلوا القسط بالكسر وهو العدل الذي لا جور فيه في ذلك، وفي جميع أموركم ثم علله ترغيباً فيه بقوله تعالى مؤكداً تنبيهاً على أنه من أعظم ما يتمادح به ورداً على من لعله يقول أنه لا يلزم نفسه الوقوف عنده الأضعف ﴿إن الله﴾ أي: الذي بيده النصر والخذلان ﴿يحب المقسطين﴾ أي: يفعل مع أهل العدل من الإكرام فعل المحب.