وقال ﷺ «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم» قال الرازي في المراد بالآية: وجهان: الأول أنّ التقوى تفيد الإكرام. الثاني: أنّ الإكرام يورث التقوى كما يقال المخلصون على خطر والأول أشهر، والثاني أظهر فإن قيل: التقوى من الأعمال والعلم أشرف لقوله ﷺ «لفقيه واحد أشدّ على الشيطان من ألف عابد» أجيب: بأنّ التقوى ثمرة العلم لقوله تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (فاطر: ٢٨)
فلا تقوى إلا للعالم فالتقي العالم أثمر علمه، والعالم الذي لا يتقي كشجرة لا ثمر لها، لكن الشجرة المثمرة أشرف من التي لا تثمر، بل هي حطب. قال الحسن البصري: إنما الفقيه العامل بعلمه أي وهو المراد من قوله ﷺ «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» ومن قوله عز من قائل ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ (الزمر: ٩)
فإن قيل: خطاب الناس بقوله تعالى ﴿أكرمكم﴾ يقتضي اشتراك الكل في الإكرام ولا كرامة لكافر فإنه أضلّ من الأنعام أجيب بأنّ ذلك غير لازم مع أنه حاصل لدليل قوله تعالى: ﴿ولقد كرمنا بني آدم﴾ (الإسراء: ٧٠)
لأنّ كل من خلق فقد اعترف بربه ثم من استمرّ عليه وزاد زيد في كرامته ومن رجع عنه أزيل عنه أكثر الكرامة ﴿إن الله﴾ أي: المحيط بكل شيء علماً وقدرة ﴿عليم﴾ أي: بالغ العلم بظواهركم يعلم أنسابكم ﴿خبير﴾ أي: محيط العلم ببواطنكم لا تخفى عليه أسراركم فجعلوا التقوى رداءكم
ولما قال تعالى: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ والتقى لا يكون إلا بعد حصول التقوى وأصله الإيمان والإتقاء من الشرك.
(١١/١٦٥)
---


الصفحة التالية
Icon