ولما كانوا يكذبون بالوعيد أكد الجواب بعد التأكيد بنفس القسم فقال تعالى: ﴿إنّ ما توعدون لصادق﴾ أي مطابق الإخبار به للواقع وسترون مطابقته له.
(١١/٢٠٧)
---
تنبيه: ما يجوز أن تكون إسمية وعائدها محذوف أي توعدونه وأن تكون مصدرية فلا عائد على المشهور وحينئذ يحتمل أن يكون توعدون مبنياً من الوعد وأن يكون مبنياً من الوعيد، لأنه يصلح أن يقال أوعدته فهو يوعد ووعدته فهو يوعد لا يختلف فالتقدير: إن وعدكم أوان وعيدكم ﴿وإن الدين﴾ أي المجازاة لكل أحد بما كسب يوم البعث ﴿لواقع﴾ لا بدّ منه وإن أنكرتم.
﴿والسماء ذات الحبك﴾ قال ابن عباس وقتادة وعكرمة: ذات الخلق الحسن المستوي، يقال للنساج إذا نسج الثوب فأجاد ما أحسن حبكه، وقال سعيد بن جبير: ذات الزينة، أي: المزينة بزينة الكواكب، قال الحسن: حبكتها النجوم وقال مقاتل والكلبي والضحاك ذات الطريق كحبك الماء إذا ضربته الريح، وحبك الرمل والشعر الجعد وهو آثار تثنيه وتكسره قال زهير:
*مكلل بأصول النجم تنسجه ** ريح خريق لضاحي مائه حبك*
والحبك يحتمل أن يكون مفرده حبيكة كطريقة وطرق أو حباك نحو حمار وحمر قال الشاعر:
*كأنما جللها الحوّاك ** ظننته في وشيها حباك*
وأصل الحبك إحكام الشيء وإتقانه، ومنه يقال للدرع: محبوكة.
وجواب القسم ﴿إنكم﴾ يا معشر قريش ﴿لفي قول﴾ محيط بكم في أمر القرآن والآتي به وجميع أمر دينكم وغيره مما تريدون به إبطال الدين الحق ﴿مختلف﴾ فتقولون في القرآن سحر وكهانة وأساطير الأولين، وفي محمد ﷺ ساحر وشاعر ومجنون وكاهن وكاذب.
﴿يؤفك﴾ أي يصرف ﴿عنه﴾ أي عن النبيّ ﷺ أو القرآن أي عن الإيمان بذلك ﴿من أفك﴾ أي صرف عن الهداية في علم الله تعالى ومعناه حينئذ الذم، وقيل: إنه مدح للمؤمنين ومعناه يصرف عن القول المختلف من يصرف عن ذلك القول ويرشد إلى القول المستوي.