تنبيه: التقوّل تكلف القول ولا يستعمل إلا في الكذب وهذا أيضاً متصل بقوله تعالى ﴿أم يقولون شاعر﴾ تقديره أم يقولون شاعر أم يقولون تقوّله والمعنى ليس الأمر كما زعموا ﴿بل لا يؤمنون﴾ بالقرآن استكباراً.
ثم ألزمهم الحجة وأبطل جميع الأقسام.
فقال عز من قائل: ﴿فليأتوا﴾ أي: على أيّ تقدير أرادوه ﴿بحديث﴾ أي: كلام مفرق مجدّد إتيانه مع الأزمان ﴿مثله﴾ أي القرآن في البلاغة وصحة المعاني والإخبار بالمغيبات مما كان أو يكون على ما هي عليه لا نكلفهم أن يأتوا به جملة.
(١١/٢٥٨)
---
فإن قيل: الصفة تتبع الموصوف في التعريف والتنكير، والموصوف هنا حديث وهو منكر ومثله مضاف إلى القرآن والمضاف إلى القرآن معرّف فكيف هذا. أجيب: بأنّ مثلاً وغيراً لا يتعرّفان بالإضافة وذلك أن غيرا ومثلاً وأمثالهما في غاية التنكير لأنك إذا قلت: مثل زيد يتناول كل شيء فإنّ كل شيء مثل زيد في شيء فالحمار مثله في الجسم والحجم والإمكان، والنبات مثله في النموّ والنشء والذبول والفناء، والحيوان مثله في الحركة والإدراك وغيرهما من الأوصاف وأمّا غير فهو عند الإضافة ينكر وعند قطع الإضافة ربما يتعرف فإنك إذا قلت: غير زيد صار في غاية الإبهام فإنه يتناول أموراً لا حصر لها وأما إذا قطعت غير عن الإضافة فربما يكون الغير والمغايرة من باب واحد وكذلك التغير فتجعل الغير كأسماء الأجناس وتجعله مبتدأ أو تريد به معنى معيناً.


الصفحة التالية
Icon