تنبيه: قالت المعتزلة: الحديث محدث والقرآن سماه حديثاً فيكون محدثاً، وأجيبوا: بأنّ الحديث اسم مشترك يقال للمحدث والمنقول ولهذا يصح أن يقال هذا حديث قديم أي متقادم العهد لا بمعنى سلب الأولية وذلك لانزاع فيه. قال بعض العلماء: وهذا أمر تعجيز، قال الرازي: والظاهر أنّ الأمر ههنا على حقيقته لأنه لم يقل ائتوا مطلقاً بل قال تعالى: ﴿إن كانوا﴾ أي: كوناً هم راسخون فيه ﴿صادقين﴾ أي: في أنه تقوله من عند نفسه كما يزعمون فهو أمر معلق على شرط إذا وجد ذلك الشرط يجب الإتيان به وأمر التعجيز كقوله تعالى: ﴿فإنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر﴾ (البقرة: ٢٥٨)
(١١/٢٥٩)
---
وفي هذا تشنيع عليهم سواء ادعوا أنه مجنون أم شاعر أم كاهن أم غير ذلك، لأنّ العادة تحيل أن يأتي واحد من قوم وهو مساو لهم بما لا يقدرون كلهم على مثله، والعاقل لا يجزم بشيء إلا وهو عالم به ويلزم من علمهم بذلك قدرتهم على مثل ما يأتي به، فإنه ﷺ مثلهم في الفصاحة والبلد والنسب وبعضهم يزيد عليه بالكتابة وقول الشعر ومخالطة العلماء ومزاولة الخطب والرسائل وغير ذلك فلا يقدر على ما يعجزون عنه إلا بتأييد إلهي وهو المراد من تكذيبهم.