﴿أم لهم سلم﴾ يصعدون به إلى السماء ﴿يستمعون﴾ أي: يتعمدون السماع لكل ما يكون فيها ومنها ﴿فيه﴾ أي: صاعدين في ذلك السلم إلى كلام الملائكة وما يوحي إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن ﴿فليأت مستمعهم﴾ أي: مدعي الاستماع ﴿بسلطان مبين﴾ أي: بحجة بينة واضحة.
ولشبه هذا الزعم زعمهم أنّ الملائكة بنات الله قال تعالى: ﴿أم له البنات﴾ أي: بزعمكم ﴿ولكم البنون﴾ أي: خاصة لتكونوا أقوى منه فتكذبوا رسوله ﷺ وتردوا قوله من غير حجة فتكونوا آمنين من عذاب يأتيكم منه لضعفه وقوّتكم.
﴿أم تسألهم﴾ أي: أيها الطاهر الشيم البعيد عن مواقع التهم ﴿أجراً﴾ على إبلاغ ما أتيتهم به ﴿فهم من مغرم﴾ أي: غرم لك ولو قلّ، والمغرم التزام ما لا يجب ﴿مثقلون﴾ فهم لذلك يكذبون من كان سبباً في هذا الثقل بغير مستند ليستريحوا مما جره لهم من الثقل.
﴿أم عندهم﴾ أي: خاصة بهم ﴿الغيب﴾ أي: علم ما غاب عنهم ﴿فهم يكتبون﴾ أي: يجدّدون للناس كتابة جميع ما غاب عنهم مما ينفعهم ويضرّهم حتى يحسدوك فيما شاركتهم به منه فيردوه لذلك وينسبوك إلى ما نسبوك إليه مما يعلم كل أحد نزاهتك عنه وبعدك منه. وقال ابن عباس معناه أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس به. واللام في الغيب لا للعهد ولا لتعريف الجنس بل المراد نوع الغيب، كما تقول اشتر اللحم تريد بيان الحقيقة لا كل لحم ولا لحماً معيناً.
(١١/٢٦١)
---


الصفحة التالية
Icon