﴿أرأيتم شركاءكم﴾ (فاطر: ٤٠)
أجيب: بأنه تعالى لما قدم عظمته في ملكوته وأنّ رسوله إلى الرسل يسد الآفاق ببعض أجنحته ويهلك المدائن بشدّته وقوّته ولا يمكنه مع هذا أن يتعدّى السدرة في مقام جلال الله وعزته قال: أفرايتم هذه الأصنام مع ذلتها وحقارتها شركاء الله تعالى مع ما تقدّم، فقال بالفاء أي عقب ما سمعتم من عظمة آيات الله الكبرى ونفاذ علمه في الملأ الأعلى وما تحت الثرى انظروا إلى اللات والعزى تعلموا فساد ما ذهبتم إليه.
تنبيه: مفعول أرأيت الأول اللات وما عطف عليه والثاني: محذوف والمعنى أخبروني ألهذه الأصنام قدرة على شيء ما فتعبدونها دون الله القادر على ما تقدّم ذكره.
وقرأ ابن كثير ﴿مناة﴾ بهمزة مفتوحة بعد الألف والباقون بغير همز.
ولما زعموا أيضاً أنّ الملائكة بنات الله مع كراهتهم للبنات نزل ﴿ألكم﴾ أي: خاصة ﴿الذكر﴾ أي: النوع الأعلى ﴿وله﴾ أي: وحده ﴿الأنثى﴾ أي: النوع الأسفل.
﴿تلك﴾ أي: هذه القسمة البعيدة عن الصواب ﴿إذاً﴾ أي: إذ جعلتم البنات له والبنين لكم ﴿قسمة ضيزى﴾ أي: جائرة ظالمة ناقصة فيها بخس للحق إلى الغاية عوجاء غير معتدلة، حيث خصصتم به ما أوصلتكم الكراهة له إلى دفنه حياً بل كان ينبغي أن تجعلوا الأعظم للعظيم والأنقص للحقير فخالفتم العقل والنقل والعادة.
﴿إن﴾ أي: ما ﴿هي﴾ أي: هذه الأصنام ﴿إلا أسماء﴾ أي: لا حقائق لها فيما ادعيتم لها من الإلهية ليس لها من ذلك غير الأسماء وأكد ذلك بقوله تعالى: ﴿سميتموها﴾ أي: ابتدعتم تسميتها.
(١١/٢٨٣)
---