فإن قيل: الأسماء لا تسمى وإنما يسمى بها أجيب: بأن التسمية وضع الاسم فكأنه قال أسماء وضعتموها فاستعمل سميتموها استعمال وضعتموها ﴿أنتم وآباؤكم﴾ أي: لا غير ﴿ماأنزل الله﴾ أي: الذي له جميع صفات الكمال ﴿بها﴾ أي باستحقاقها للأسماء أو لما سميتموها به من الإلهية، وأغرق في النفي فقال: ﴿من سلطان﴾ أي: حجة تصلح مسلطاً على ما يدعى فيها بل لمجرد الهوى لم تروا منها آية ولا كلمتكم قط بكلمة تعتمدونها وعلى تقدير أن تتكلم الشياطين على ألسنتها فأيّ طريقة قويمة شرعت لكم، وأيّ كلام صالح أو بليغ برز إليكم منها وأيّ آية كبرى أرَتْكموها.
﴿إن﴾ أي: ما ﴿يتبعون﴾ أي: في وقت من الأوقات في أمر هذه الأوثان بغاية جهدهم من أنها آلهة وأنها تشفع لهم أو تقربهم إلى الله تعالى ﴿إلا الظن﴾ أي: وهو غاية أمرهم لمن يحسن الظن بهم والظن ترجيح أحد الجائزين على زعم الظان. ولما كان الظن قد يكون موافقاً للحق مخالفاً للهوى قال تعالى: ﴿وما تهوى الأنفس﴾ أي: تشتهي وهي لما لها من النقص لا تشتهي أبداً إلا ما يهوى بها عن غاية أوجها إلى أسفل حضيضها، وأما المعالي وحسن العواقب فإنما يسوق إليها العقل.
قال القشيري: فأما الظن الجميل بالله تعالى فليس من هذا الباب، والتباس عواقب الشخص عليه ليس من هذه الجملة بسبيل إنما الظن المعلول في الله تعالى وأحكامه وصفاته ا. ه. ولهذا كان كثير من الفقه ظنياً وقال ﷺ حكاية عن ربه «أنا عند ظن عبدي بي».
﴿ولقد جاءهم﴾ أي: العجب أنهم يقولون ذلك والحال أنهم قد جاءهم ﴿من ربهم﴾ المحسن إليهم ﴿الهدى﴾ على لسان النبيّ ﷺ بالبرهان القاطع أنها ليست بآلهة، وأنّ العبادة لا تصلح إلا لله الواحد القهار فلم يرجعوا عما هم عليه، وقرأ حمزة والكسائي في الوصل بضم الهاء والميم وقرأ أبو عمرو بكسرهما والباقون بكسر الهاء وضم الميم.
(١١/٢٨٤)
---