﴿أم للإنسان﴾ أي: كل إنسان منهم ﴿ما تمنى﴾ أي: من اتباع ما يشتهي من جاه ومال وطول عمر ورفاهة عيش، ومن أن الأصنام تشفع له ليس الأمر كذلك.
﴿فللّه﴾ أي: الملك الأعظم وحده ﴿الآخرة﴾ فهو لا يعطي ما فيها إلا لمن تبع هداه وترك هواه ﴿والأولى﴾ أي: الدنيا فهو لا يعطي جميع الأماني فيها لأحد أصلاً كما هو مشاهد ولكنه يعطي منها ما يشاء لمن يريد وليس لأحد أن يتحكم عليه سبحانه في شيء منها.
﴿وكم من ملك﴾ أي: كثير من الملائكة أي ممن يعبدهم هؤلاء الكفار، ودلّ على زيادة قوّتهم بشرف مسكنهم، وهو قوله تعالى: ﴿في السموات﴾ أي: وهم في الكرامة والزلفى ﴿لا تغني شفاعتهم﴾ أي: عن أحد من الناس ﴿شيئاً﴾ ثم قصر الأمر عليه ورده بحذافيره إليه بقوله تعالى: ﴿إلا من بعد أن يأذن﴾ أي: يمكن ويريد ﴿الله﴾ أي الملك الذي لا أمر أصلاً لأحد معه ﴿لمن يشاء﴾ من عباده من الملائكة أو من الناس أن يشفع ﴿ويرضى﴾ أي: ويراه أهلاً لذلك فكيف تعبد الأصنام مع حقارتها لتشفع لهم.
(١١/٢٨٥)
---
﴿إنّ الذين لا يؤمنون بالآخرة﴾ أي: لا يصدقون ولا يقرّون بالبعث وغيره من أحوال يوم القيامة ﴿ليسمون الملائكة﴾ أي: كل واحد منهم ﴿تسمية الأنثى﴾ بأن سموه بنتاً، وذلك أنهم كانوا يقولون: الملائكة وجدوا من الله تعالى فهم أولاده بمعنى الإيجاد، ثم إنهم رأوا في الملائكة تاء التأنيث وصح عندهم أن يقال: سجدت الملائكة فقالوا بنات الله فسموهم تسمية الإناث.
فإن قيل: كيف يقال إنهم لا يؤمنون بالآخرة مع أنهم كانوا يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وكان من عادتهم أن يربطوا مركوباً على قبر من يموت ويعتقدون أنه يحشر عليه أجيب: بأنهم ما كانوا يجزمون به بل كانوا يقولون لا حشر فإن كان فلنا شفعاء بدليل ما حكى الله تعالى عنهم: ﴿وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إنّ لي عنده للحسنى﴾ (فصلت: ٥٠)
(١١/٢٨٦)
---


الصفحة التالية
Icon