فقد دفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض وذلك انتفاع بعمل الغير. عشروها: أنّ صدقة الفطر تجب عن الصغير وغيره ممن يمونه الرجل فينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي لهما. حادي عشريها: أنّ الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ويثاب على ذلك ولا سعي له ومن تأمّل العلم وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى، فكيف يجوز أن تتأوّل الآية على خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
والمراد بالإنسان العموم وقال الربيع بن أنس: ليس للإنسان يعني الكافر: وأما المؤمن فله ما سعي وما سعى له وقيل: ليس للكافر من الخير إلا ما عمله يثاب عليه في الدنيا حتى لا يبقى له في الآخرة خير، وروي «أنّ عبد الله بن أبي كان أعطى العباس قميصاً ألبسه إياه فلما مات أرسل النبيّ ﷺ قميصه ليكفن فيه فلم تبق له حسنة في الآخرة يثاب عليها».
﴿وأن سعيه﴾ أي: من خير وشر ﴿سوف يرى﴾ أي: في ميزانه من غير شك يوم القيامة بوعد لا خلف فيه وإن طال المدى، من: أريته الشيء، أي: يعرض عليه ويكشف له.
فإن قيل: العمل كيف يرى بعد وجوده ومضيه؟ أجيب: بأنه يرى على صورة جميلة إن كان العمل صالحاً قال الرازي وذلك على مذهبنا غير بعيد، فإن كل موجود يرى والله تعالى قادر على إعادة كل ما عدم فيعيد الفعل فيرى، وفيه بشارة للموحد وذلك أنّ الله تعالى يريه أعماله الصالحة ليفرح بها ويحزن الكافر بأعماله الفاسدة فيزداد غماً.
﴿ثم يجزاه﴾ أي: السعي ﴿الجزاء الأوفى﴾ أي: الأتمّ الأكمل والمعنى: أنّ الإنسان يجزى جزاء سعيه بالجزاء الأوفى يقال: جزيت فلاناً سعيه وبسعيه. قال الرازي: الجزاء الأوفى يليق بالمؤمنين الصالحين، لأنّ جزاء الطالح وافر قال تعالى: ﴿فإنّ جهنم جزاؤكم جزاء موفوراً﴾ (الإسراء: ٦٣)
وذلك أن جهنم ضررها أكثر من نفع الآثام فهي في نفسها أوفر.
(١١/٢٩٩)
---


الصفحة التالية
Icon