﴿وكذبوا﴾ بكون انشقاقه دالاً على صدق الرسول ﷺ وجزموا بالتكذيب عناداً ﴿واتبعوا﴾ أي: بمعالجة فطرتهم الأولى المستقيمة في دعائها إلى التصديق ﴿أهواءهم﴾ في أنه ﷺ سحر القمر وأنه خسوف في القمر وظهور شيء في جانب آخر من الجوّ يشبه نصف القمر وأنه سحر أعيننا وأنّ القمر لم يصبه شيء فهذه أهواؤهم.
قال القشيري: إذا حصل اتباع الهوى فمن شؤمه يحصل التكذيب لأنّ الله تعالى يلبس على قلب صاحبه حتى لا يستبصروا الرشد واتباع الرضا مقرون بالتصديق لأنّ الله تعالى ببركات الاتباع للحق يفتح عين البصيرة فيأتي بالتصديق.
(١١/٣١٢)
---
﴿وكل أمر﴾ أي: من أموركم من الخير أو الشرّ ﴿مستقرّ﴾ أي: بأهله في الجنة أو النار وقال قتادة وكل أمر مستقرّ فالخير مستقر بأهل الخير والشرّ مستقرّ بأهل الشرّ وقيل مستقرّ قول المصدّقين والمكذبين حتى يعرفوا حقيقته بالثواب والعذاب، وقيل: كل أمر مستقرّ في علم الله تعالى لا يخفى عليه شيء فهم كذبوا واتبعوا أهواءهم والأنبياء صدقوا وبلغوا كقوله تعالى: ﴿لا يخفى على الله منهم شيء﴾ (غافر: ١٦)
﴿ولقد جاءهم﴾ أي أهل مكة في القرآن قبل الانشقاق ﴿من الأنباء﴾ أي: أخبار إهلاك الأمم الماضية المكذبة رسلهم لأنّ الأنباء الأخبار العظام التي لها وقع كقول الهدهد ﴿وجئتك من سبأ بنبأ يقين﴾ (النمل: ٢٢)
لأنه كان خبراً عظيماً له وقع وخطر وقال تعالى: ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ﴾ (الحجرات: ٦)
أي بأمر عظيم له خطر وإنما يجب التثبت فيما يتعلق به حكم ويترتب عليه أمر ذو بال ﴿ما فيه﴾ خاصة ﴿مزدجر﴾ أي: عمّاهم فيه من الباطل، ولكن لم يزدجر منهم إلا من أراد الله تعالى.
تنبيه: المزدجر اسم مصدر أي ازدجار أو اسم مكان أي موضع ازدجار والدال بدل من تاء الافتعال وازدجرته وزجرته نهيته بغلظة وما موصولة أو موصوفة.