﴿كذبت عاد﴾ أي: أوقعت التكذيب العام المطلق الذي أوجب تكذيبهم برسولهم هود عليه الصلاة والسلام في دعائه لهم إليّ وإنذاره عذابي ﴿فكيف﴾ أي: فعلى أي الأحوال لأجل تكذيبهم ﴿كان عذابي﴾ لهم ﴿ونذر﴾ أي: وإنذاري إياهم بلسان رسولي قبل نزوله، أي وقع موقعه.
فإن قيل: لِمَ لم يقل: فكذبوا هودا كما قال تعالى في قصة نوح: ﴿فكذبوا عبدنا﴾ أجيب: بأنّ تكذيب قوم نوح أبلغ لطول مقامه فيهم وكثرة عنادهم وإمّا لأن قصة عاد ذكرت مختصرة.
ثم بين عذابهم بقوله تعالى: ﴿إنا أرسلنا﴾ أي: بمالنا من العظمة. ﴿عليهم ريحاً﴾ وعبر بحرف الاستعلاء إعلاماً بالنقمة، ثم وصف الريح بقوله تعالى: ﴿صرصراً﴾ أي: شديدة الصوت من صرصر الباب أو القلم إذا صوت، وقيل: الشديدة البرد من الصر، وهو البرد، وقال مكي: أصله صرّر من صرَّ الشيء إذا صوت لكن أبدلوا من الراء المشدّة صاداً وهذا قول الكوفيين وقال الرازي: الصرصر: الدائمة الهبوب، من أصر على الشيء إذا دام وثبت.
وأكد شؤمها بذم زمانها فقال تعالى: ﴿في يوم نحس﴾ أي: شديد القباحة قيل: كان ذلك يوم الأربعاء في آخر الشهر وهو شوال لثمان بقين منه، واستمر إلى غروب شمس الأربعاء آخره، فإنه قال تعالى في سورة الحاقة: ﴿سبع ليال وثمانية أيام حسوماً﴾ وقال تعالى في حم السجدة: ﴿في أيام نحسات﴾ (فصلت: ١٦)
فالمراد باليوم هنا الوقت والزمان، وقوله تعالى: ﴿مستمر﴾ أي: دائم الشؤم إلى وقت نفاذ المراد منه يفيد ما تفيده الأيام، لأنّ الاستمرار ينبىء عن امتداد الزمان كما تنبىء عنه الأيام، والحكاية مذكورة هنا على سبيل الاختصار، فذكر الزمان ولم يذكر مقداره على سبيل الإيجاز فاستمر عليهم بنحوسه ولم يبق منهم أحد إلا أهلكه، هذا وصفها في ذاتها.
(١١/٣٢٠)
---