ثم استدلوا بأمر آخر ساقوه مساق الإنكار فقالوا: ﴿أألقي﴾ أي: أنزل ﴿الذكر﴾ أي: الوحي الذي يكون به الشرف الأعظم بغتة في سرعة ﴿عليه﴾ لأنه لم يكن عندهم في مضمار هذا الشأن، ولا توسموا فيه قبل إشارته به شيئاً منه بل أتاهم به بغتة في غاية الإسراع ودلوا على وجه التعجب والإنكار بالاختصاص بقولهم: ﴿من بيننا﴾ أي: وفينا من هو أولى بذلك منه سنا وشرفاً، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: بتحقيق الهمزة الأولى المفتوحة وتسهيل الثانية المضمومة كالواو، وأدخل قالون وأبو عمرو بينهما ألفا بخلاف عن أبي عمرو ولم يدخل ورش وابن كثير ألفا، وأمّا هشام فله تسهيل الثانية وتحقيقها وإدخال الألف بينهما مع التحقيق، والباقون بتحقيقهما مع عدم الإدخال، وإذا وقف حمزة فله في الثانية التسهيل وإبدالها واواً والتحقيق.
ثم أضربوا عن ذلك الاستفهام لأنه بمعنى النفي بقولهم: ﴿بل هو كذاب﴾ أي: بليغ في الكذب في قوله إنه أوحى إليه ما ذكر ﴿أشر﴾ أي: متكبر بطر غلبت عليه البطالة حتى أعجبته نفسه فتجبر فهو يريد الترفع، قال الله تعالى: ﴿سيعلمون﴾ أي: بوعد لا خلف فيه ﴿غداً﴾ أي: في الزمن الآتي القريب وهو يوم القيامة، لأنّ كل ما حقق إتيانه قريب عند نزول العذاب في الدنيا ويوم القيامة.
(١١/٣٢٣)
---