وقرأ ابن عامر وحمزة بعد السين بتاء الخطاب وفيه وجهان: أحدهما أنه حكاية عن قول صالح عليه السلام لقومه. والثاني: أنه خطاب من الله تعالى على جهة الالتفات، والباقون بياء الغيبة جرياً على الغيب قبله في قوله تعالى: ﴿فقالوا أبشراً﴾ واختار هذه القراءة مكي، لأنّ عليها الأكثر. ﴿من الكذاب الأشر﴾ أي: وهو هم بأن يعذبوا على تكذيبهم لنبيه صالح ﷺ وروي أنهم تعنتوا عليه فسألوه أن يخرج لهم من صخرة ناقة حمراء عشراء فقال تعالى: ﴿إنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿مرسلوا الناقة﴾ أي موجدوها لهم ومخرجوها كما اقترحوا من حجر أهلناه لذلك وخصصناه من بين الأحجار دلالة على إرسالنا صالحاً عليه السلام: مخصصين له من بين قومه وذلك أنهم قالوا لصالح عليه السلام نريد أن نعرف المحق، منا بأن ندعوا آلهتنا وتدعو إلهاك فمن أجابه إلهه علم أنه المحق فدعوا أوثانهم فلم تجبهم، فقالوا: ادع أنت فقال: فما تريدون؟ قالوا: تخرج لنا من هذه الصخرة ناقة عشراء وبراء، فأجابهم إلى ذلك بشرط الإيمان، فوعدوه بذلك وأكدوا فكذبوا بعدما كذبوا في أنّ آلهتهم تجيبهم، وصدق هو عليه السلام في كل ما قال فأخبره ربه سبحانه أنه يجيبهم إلى إخراجها ﴿فتنة لهم﴾ أي: امتحاناً يخالطهم به فيميلهم عن حالتهم التي وعدوا بها وتخليهم عنها، لأنّ المعجزة فتنة لأنّ بها يتميز المثاب من المعذب، فالمعجزة تصديق وحينئذ يفترق المصدّق من المكذب، أو يقال: إخراج الناقة من الصخرة معجزة ودورانها بينهم وقسمة الماء كان فتنة، ولهذا قال تعالى: ﴿إنا مرسلوا الناقة﴾ ولم يقل: ﴿مخرجوا﴾.
(١١/٣٢٤)
---


الصفحة التالية
Icon