﴿فارتقبهم﴾ أي: كلف نفسك انتظارهم فيما يكون لهم جزاء على أعمالهم انتظار من يحرسهم ﴿واصطبر﴾ أي: عالج نفسك واجتهد في الصبر عليهم، وأصل الطاء في اصطبر تاء فتحولت طاء لتكون موافقة للصاد في الإطباق ﴿ونبئهم﴾ أي: أخبرهم إخباراً عظيماً بأمر عظيم وهو ﴿أن الماء﴾ أي: الذي يشربونه وهو ماء بئرهم ﴿قسمة بينهم﴾ أي: بين قوم صالح عليه السلام والناقة فغلَّب العاقل عليها، والمعنى أنا إذا بعثناها كان لهم يوم لا تشاركهم فيه، ولها يوم لا تدع في البئر قطرة يأخذها أحد منهم وتوسع الكل بدل الماء لبنا.
﴿كل شرب﴾ أي: نصيب من الماء ﴿محتضر﴾ أي: فالناقة تحضر الماء يوم وردها وتغيب عنهم يوم ورودهم قاله: مقاتل، وقال مجاهد: إن ثمود يحضرون الماء يوم غيبها فيشربون، ويحضرون اللبن يوم وردها فيحتلبون.
تنبيه: الحكمة في قسمة الماء إمّا لأنّ الناقة عظيمة الخلق فتنفر منها حيواناتهم فكان يوم للناقة ويوم لهم، وإمّا لقلة الماء فلا يحملهم، وإمّا لأنّ الماء كان مقسوماً بينهم لكل فريق يوم، فيوم ورد الناقة على هؤلاء يرجعون على الآخرين وكذلك الآخرون فيكون النقصان على الكل، ولا تختص الناقة بجميع الماء، روي أنهم كانوا يكتفون في يوم وردها بلبنها، وليس في الآية إلا القسمة دون كيفيتها وظاهر قوله تعالى: ﴿كل شرب محتضر﴾ يعضد الوجه الثالث، وحضر واحتضر بمعنى واحد.
وقوله تعالى: ﴿فنادوا صاحبهم﴾ فيه حذف قبله، أي: فتمادوا على ذلك ثم ملّوه فعزموا على عقرها فنادوا صاحبهم وهو قدّار بن سالف الذي انتدبوه بطراً وأشراً لقتل الناقة وكذباً في وعدهم الإيمان وإكرامها بالإحسان وكان أشجعهم، وقيل كان رئيسهم.
(١١/٣٢٥)
---


الصفحة التالية
Icon