﴿ولقد جاء آل فرعون﴾ أي: فرعون ملك القبط بمصر؛ وقومه الذين إذا رآهم أحد كان كأنه فيهم لشدّة قربهم منه، وتخلقهم بأخلاقه ﴿النذر﴾ أي الإنذار على لسان موسى وهرون عليهما السلام؛ فلم يؤمنوا بل ﴿كذبوا﴾ أي: تكذيباً عظيماً مستهزئين ﴿بآياتنا﴾ التي أتاهم بها موسى عليه السلام ﴿كلها﴾ أي: التسع التي أوتيها وهي: العصا، واليد، والسنين، والطمس، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم.
(١١/٣٣٢)
---
فإن قيل كيف قال: ﴿ولقد جاء﴾ ولم يقل في غيره جاء؟ أجيب: بأنّ موسى عليه السلام لما جاء كان غائباً عن القوم، فقدم عليهم كما قال تعالى: ﴿فلما جاء آل لوط المرسلون﴾ (الحجر: ٦١)
وقال تعالى: ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ لأنه جاءهم من عند الله من السموات بعد المعراج، كما جاء موسى قومه من الطور؛ والنذر: الرسل ولقد جاءهم يوسف وبنوه إلى أن جاءهم موسى عليه السلام، وقيل: النذر: الإنذارات
تنبيه: ههنا همزتان مفتوحتان من كلمتين فقرأ أبو عمرو وقالون: بإسقاط الهمزة الأولى مع المدّ والقصر؛ وسهل ورش وقنبل الهمزة الثانية؛ ولهما أيضاً إبدالها ألفاً وورش على أصله في الهمزة المسهلة؛ ومدّ بعد الجيم حمزة وابن ذكوان، والباقون بالفتح؛ وإذا وقف حمزة وهشام أبدلا الهمزة ألفاً مع المدّ والتوسط والقصر؛ ﴿فأخذناهم﴾ أي: بما لنا من العظمة بنحو ما أخذنا به قوم نوح من الإغراق ﴿أخذ عزيز﴾ أي: لا يغلبه شيء وهو يغلب كل شيء ﴿مقتدر﴾ أي: لا يعجل بالأخذ لأنه لا يخاف الفوت ولا يخشى معقباً لحكمه بالغ القدرة إلى حد لا يدرك الوصف كنهه.