﴿كدأب آل فرعون﴾ إمّا استئناف مرفوع المحلّ خبر لمبتدأ مضمر تقديره دأبهم في ذلك كدأب آل فرعون، وإمّا متصل بما قبله أي: لن تغني عنهم كما لم تغن عن أولئك أو توقد النار بهم كما توقد النار بآل فرعون وقوله تعالى: ﴿والذين من قبلهم﴾ عطف على آل فرعون فيكون في محل جر وقيل: استئناف فيكون في محل رفع على الإبتداء والخبر، وقوله تعالى: ﴿كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم﴾ وعلى الأوّل تكون هذه الجملة مفسرة لما قبلها وقوله تعالى: ﴿وا شديد العقاب﴾ فيه تهويل للمؤاخذة وزيادة تخويف للكفرة.
(١/٤٧٥)
---
«ولما أصاب رسول الله ﷺ قريشاً ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق قينقاع وقال: يا معشر اليهود احذروا من الله تعالى أن ينزل بكم مثل ما نزل بقريش يوم بدر، وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، فقد عرفتم أني نبيّ مرسل تجدون ذلك في كتابكم فقالوا: يا محمد لا يغرّنك أنك لقيت أقواماً أغماراً أي: جهالاً جمع غمر لا علم لهم بالحرب فأصبت فيهم فرصة وإنا والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس» نزل.
﴿قل﴾ يا محمد ﴿للذين كفروا ستغلبون﴾ في الدنيا بالقتل والأسر وضرب الجزية، وقد وقع ذلك بقتل قريظة وإجلاء النضير وفتح خيبر وضرب الجزية على من عداهم ﴿وتحشرون﴾ في الآخرة ﴿إلى جهنم وبئس المهاد﴾ أي: الفراش والمخصوص بالذم محذوف أي: بئس المهاد جهنم. وفي هذه الآية إخبار عن أمر يحصل في المستقبل وقد وقع خبره على موافقته فكان هذا إخباراً بالغيب فكان معجزة ولهذا لما نزلت هذه الآية قال لهم ﷺ «إنّ الله غالبكم وحاشركم إلى جهنم» وقرأ حمزة والكسائي بالياء فيهما على الغيبة والباقون بالتاء على الخطاب.


الصفحة التالية
Icon