﴿زين للناس حب الشهوات﴾ أي: ما تشتهيه النفس، وتدعو إليه، والمزين هو الله تعالى للإبتلاء كقوله تعالى: ﴿إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم﴾ (الكهف، ٧) أو لأنه من أسباب التعيش وبقاء النوع الإنساني أو لأنه يكون وسيلة إلى السعادة الأخروية إذا كان على وجه يرتضيه الله وقيل: الشيطان هو المزين، وذهب إليه المعتزلة واستدلوا بقول الحسن: الشيطان والله زينها لأنا لا نعلم أحداً أذم لها من خالقها، وإنما سميت شهوات مبالغة وإيماء إلى أنهم انهمكوا في محبتها حتى أحيوا شهواتها كقوله تعالى: ﴿أحببت حب الخير﴾ (ص، ٣٢) والشهوة مسترذلة عند الحكماء مذموم من اتبعها شاهد على نفسه بالبهيمية ثم بيّن ذلك بقوله تعالى: ﴿من النساء﴾ إنما بدأ بهنّ لأنهنّ حبائل الشيطان ﴿والبنين والقناطير﴾ جمع قنطار وهو المال الكثير قيل: ملء مسك ثور أي: ملء جلده وعن سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه: القنطار مائة ألف دينار. وقال ابن عباس والضحاك: ألف ومائتا مثقال ﴿المقنطرة﴾ أي: المجمعة. وقال السديّ: المضروبة المنقوشة حتى صارت دراهم ودنانير. وقال الفرّاء: المضعفة فالقناطير ثلاثة والمقنطرة تسعة ﴿من الذهب والفضة﴾ قيل: سمي الذهب ذهباً؛ لأنه يذهب ولا يبقى والفضة فضة؛ لأنها تنفض أي: تتفرّق ﴿والخيل المسوّمة﴾ أي: الحسان، وقال سعيد بن جبير: هي الراعية يقال: أسام الخيل وسوّمها والخيل جمع لا واحد له من لفظه واحدها فرس كالقوم والنساء ﴿والأنعام﴾ جمع النعم وهي الإبل والبقر والغنم جمع لا واحد له من لفظه ﴿والحرث﴾ أي: الزرع ﴿ذلك﴾ أي: ما ذكر من النساء وما بعده ﴿متاع الحياة الدنيا﴾ أي: يتمتع به فيها ثم يفنى ﴿وا عنده حسن المآب﴾ أي: المرجع وهو الجنة فينبغي الرغبة فيما عنده من اللذات الحقيقية الأبدية دون غيره من الشهوات الناقصة الفانية.
(١/٤٧٩)
---


الصفحة التالية
Icon