وقوله تعالى: ﴿الذين يبخلون﴾ بدل من كل مختال فخور فإنّ المختال بالمال يضن به غالباً ﴿ويأمرون الناس﴾ أي: كل من يعرفونه ﴿بالبخل﴾ إرادة أن يكونوا لهم رفقاء يعملون بأعمالهم الخبيثة أو مبتدأ خبره محذوف مدلول عليه بقوله تعالى: ﴿ومن يتول﴾ أي: يكلف نفسه الإعراض ضد ما في فطرته من محبة الخير والإقبال على الله تعالى: ﴿فإن الله﴾ الذي له جميع صفات الكمال ﴿هو﴾ أي: وحده ﴿الغني الحميد﴾ لأنّ معناه ومن يعرض عن الإنفاق فإنّ الله غني أي: عن ماله وعن إنفاقه وكل شيء مفتقر إليه وهو مستحق للحمد سواء أحمده الحامدون أم لا ﴿لقد أرسلنا﴾ أي: بما لنا من العظمة ﴿رسلنا﴾ أي: الذين لهم نهاية الجلال بما لهم بنا من الاتصال من الملائكة إلى الأنبياء على جميعهم أفضل الصلاة والسلام ومن الأنبياء إلى الأمم ﴿بالبينات﴾ أي: الحجج القواطع ﴿وأنزلنا﴾ أي: بعظمتنا التي لا شيء أعلى منها ﴿معهم الكتاب﴾ أي: الكتب المتضمنة للأحكام وشرائع الدين ﴿والميزان﴾ أي: العدل، وقيل: الآلة روي أن جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح عليه السلام وقال مر قومك يزنوا به ﴿ليقوم الناس بالقسط﴾ أي: ليتعاملوا بينهم بالعدل ﴿وأنزلنا﴾ أي: خلقنا خلقا عظيماً بما لنا من القوة ﴿الحديد﴾ أي: المعروف على وجه من القوّة والصلابة واللين فلذلك سمي إيجاده إنزالاً؛ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزل آدم عليه السلام من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد وروي من آلة الحدادين السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة والإبرة، وحكاه القشيري قال: والميقعة ما يحدد به يقال: وقعت الحديدة أقعها أي: حددتها وفي الصحاح: الميقعة الموضع الذي يألفه البازي فيقع عليه، وخشبة القصار التي يدق عليها والمطرقة والمسن الطويل، وروي ومعه المبرد والمسحاة، وعن عمر أن النبي ﷺ قال: «إنّ الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض أنزل الحديد والنار والماء والملح». وروى عكرمة