قال الزمخشري: فإن قلت فإذا امتنع المظاهر من الكفارة هل للمرأة أن تدافعه قلت لها ذلك وعلى القاضي أن يجبره على أن يكفر وأن يحبسه، ولا شيء من الكفارات يجبر عليه ويحبس إلا كفارة الظهار وحدها لأنه يضرّ بها في ترك التكفير والانتفاع بحق الاستمتاع فيلزم أبداً حقها فإن قلت: فإن مس قبل أن يكفر قلت عليه أن يستغفر ولا يعود حتى يكفر لما روي أن سلمة بن صخر البياضي قال لرسول الله ﷺ ظاهرت من امرأتي ثم أبصرت خلخالها في ليلة قمراء فواقعتها فقال عليه الصلاة والسلام: استغفر ربك ولا تعد حتى تكفر» ا. ه. والمراد بالاستغفار هنا: التوبة.
ولما ذكر تعالى المؤمنين الواقفين عند حدوده ذكر المحادين المخالفين لها بقوله تعالى: ﴿إن الذين يحادّون الله﴾ أي: يغالبون الملك الأعلى على حدوده ليجعلوا حدوداً غيرها وذلك صورته صورة العداوة؛ لأنّ المحادة المعاداة والمخالفة في الحدود وهو كقوله تعالى: ﴿ومن يشاق الله﴾ (الحشر: ٤)
﴿ورسوله﴾ أي: الذي عزه من عزه، وقيل: يحادّون الله أي: أولياء الله كما في الخبر «من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة» والضمير في قوله تعالى: ﴿إن الذين يحادّون الله ورسوله﴾ يحتمل أن يرجع إلى المنافقين، فإنهم كانوا يوادّون الكافرين ويظاهرونهم على النبيّ ﷺ فأذلهم الله تعالى ويحتمل أن يرجع لجميع الكفار فأعلم الله تعالى نبيه ﷺ أنهم ﴿كبتوا﴾ أي: أذلوا وقال أبو عبيدة والأخفش: أهلكوا، وقال قتادة: أخذوا، وقال أبو زيد: عذبوا، وقال السدي: لعنوا، وقال الفراء: أغيظوا يوم الخندق.
وقيل: يوم بدر ﴿كما كبت الذين من قبلهم﴾ أي: المحادّين المخالفين رسلهم كقوم نوح ومن بعدهم ممن أصرّ على العصيان.
(١٢/١)
---