﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما ذكر من التولي والإعراض ﴿بأنهم قالوا﴾ أي: بسبب قولهم ﴿لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات﴾ أي: قالوا ذلك بسبب تسهيلهم أمر العقاب على أنفسهم لهذا الإعتقاد المائل والطمع الفارغ عن حصول المطموع فيه وهو الخروج من النار بعد أيام قليلة وهي أربعون يوماً مدّة عبادة آبائهم العجل ثم تزول عنهم ﴿وغرّهم في دينهم﴾ والغرور هو الإطماع فيما لا يحصل منه شيء ﴿ما كانوا يفترون﴾ أي: من أن النار لن تمسهم إلا أياماً قلائل أو أن آبائهم الأنبياء يشفعون لهم، أو أنه تعالى وعد يعقوب أن لا يعذب أولاده إلا تحلة القسم.
تنبيه: في دينهم متعلق بغرّهم ولا يصح تعلقه بيفترون خلافاً للسيوطي؛ لأن ما قبل الموصول لا يتعلق بما بعده.
﴿فكيف﴾ حالهم أو فكيف صنعهم ﴿إذا جمعناهم ليوم﴾ أي: في يوم ﴿لا ريب﴾ أي: لا شك ﴿فيه﴾ وهو يوم القيامة وفي ذلك استعظام لما يحيق بهم في الآخرة.
روي أن أوّل راية أي: علم ترفع يوم القيامة من رايات الكفار راية اليهود فيفضحهم الله تعالى على رؤوس الأشهاد ثم يؤمر بهم إلى النار ﴿ووفيت كل نفس﴾ أي: من أهل الكتاب وغيرهم جزاء ﴿ما كسبت﴾ أي: عملت من خير أو شر وفي ذلك دليل على أن العبادة لا تحبط وأن المؤمن لا يخلد في النار وإن دخلها؛ لأن توفية إيمانه وعمله لا يكون في النار ولا قبل دخولها فإذا هي بعد الخلاص إن دخلها؛ ﴿وهم لا يظلمون﴾ أي: بنقص حسنة أو زيادة سيئة.
تنبيه: ذكر ضمير وهم لا يظلمون وجمعه باعتبار معنى كل نفس؛ لأنه في معنى كل إنسان، ولما فتح النبيّ ﷺ مكة ووعد أمته ملك فارس والروم، قال المنافقون واليهود: هيهات هيهات من أين لمحمد ملك فارس والروم أولم يكف محمداً مكة والمدينة حتى يطمع في ملك فارس والروم فأنزل الله سبحانه وتعالى.
(١/٤٩٢)
---


الصفحة التالية
Icon