﴿قل اللهمّ﴾ أي: يا الله والميم عوض عن ياء النداء ولذلك لا يجتمعان، والتعويض من خصائص هذا الإسم كما اختص بدخولها عليه مع لام التعريف وقطع همزته وكما اختص بدخول تا القسم عليه وأمّا قولهم: ترب الكعبة فنادر ﴿مالك الملك﴾ أي: مالك العباد وما ملكوا قال الله تعالى في بعض الكتب المنزلة: أنا الله ملك الملوك ومالك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة، وإن عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم. وهذا معنى قوله ﷺ «كما تكونوا يولى عليكم» ﴿تؤتي﴾ أي: تعطي ﴿الملك﴾ أي: في الدنيا ﴿من تشاء﴾ من خلقك ﴿وتنزع الملك ممن تشاء﴾ منهم، وقيل: المراد بالملك النبوّة ونزعها نقلها من قوم إلى قوم، وقال الكلبيّ: تؤتي الملك لمحمد وأصحابه وتنزعه من أبي جهل وصناديد قريش، وقيل: تؤتيه لآدم وذرّيته وتنزعه من إبليس وجنوده ﴿وتعز من تشاء﴾ من خلقك، وقيل: محمداً وأصحابه حتى دخلوا مكة في عشرة آلاف ظاهرين عليها ﴿وتذل من تشاء﴾ منهم وقيل: أبا جهل وأصحابه حزت رؤوسهم وألقوا في القليب، وقيل: تعز من تشاء بالطاعة وتذل من تشاء بالمعصية، وقيل: تعز من تشاء بالقناعة وتذل من تشاء بالحرص والطمع، وقيل: تعز من تشاء بالتهجد وتذل من تشاء بتركه ﴿بيدك﴾ أي: بقدرتك ﴿الخير﴾ أي: والشر، واقتصر على الأوّل لمسارعة الأدب في الخطاب أو اكتفى بذكر أحد المقابلين كما في قوله تعالى: ﴿سرابيل تقيكم الحرّ﴾ (النحل، ٨١) أي: والبرد أو؛ لأن الكلام وقع فيه إذ روى البيهقيّ وغيره: «أنه ﷺ لما خط الخندق وقطع لكل عشر أربعين ذراعاً وأخذوا يحفرون فظهر فيه صخرة عظيمة لم تعمل فيها المعاول فوجهوا سلمان إلى رسول الله ﷺ يخبره فجاء وأخذ المعول منه فضربها ضربة فصدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لا بتيها ـ أي: المدينة ـ فكأنّ بها مصباحاً جاء في جوف بيت


الصفحة التالية
Icon