(١/٤٩٣)
---
مظلم فكبر وكبر المسلمون وقال: أضاءت لي منها قصور الحيرة كأنها أنياب الكلاب ـ أي: في بياضها وصفرتها وانضمام بعضها إلى بعض، واللابتان حرّتان يكتنفانها والحرّة كل أرض ذات حجارة سوداء كأنها محترقة من الحرّ ثم ضرب الثانية فقال: أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم، ثم ضرب الثالثة فقال: أضاءت لي قصور صنعاء وأخبرني جبريل أنّ أمّتي ظاهرة على كلها أي: الأراضي التي أضاءت ـ فأبشروا، فقال المنافقون: ألا تعجبون يمنيكم أيها المؤمنون ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب ـ أي: المدينة ـ قصور الحيرة وأنها تفتح لكم وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق ـ أي: الخوف ـ فنزلت». ونبه أيضاً على أن الشرّ بيده بقوله: ﴿إنك على كل شيء قدير﴾ والشرّ شيء ثم عقب ذلك ببيان قدرته على تعاقب الليل والنهار والموت والحياة وسعة فضله فقال:
﴿تولج﴾ أي: تدخل ﴿الليل في النهار﴾ حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات ﴿وتولج﴾ أي: تدخل ﴿النهار في الليل﴾ حتى يكون الليل خمس عشرة ساعة، والنهار تسع ساعات فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر ﴿وتخرج الحيّ من الميت﴾ كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة ﴿وتخرج الميت من الحيّ﴾ كالنطفة من الإنسان والبيضة من الطائر، وقال الحسن وعطاء: تخرج المؤمن من الكافر، وتخرج الكافر من المؤمن فالمؤمن حيّ الفؤاد والكافر ميت الفؤاد قال الله تعالى: ﴿أومن كان ميتاً فأحييناه﴾ (الأنعام، ١٢٢) وقال الزجاج: تخرج النبات الغض الطريّ من الحب اليابس وتخرج الحب اليابس من النبات الحيّ النامي، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة: ﴿الميت﴾ بسكون الياء والباقون بكسر الياء مشدّدة.
(١/٤٩٤)
---


الصفحة التالية
Icon