ثم بين تعالى حالهم عند ذلك وفسر قذف الرعب بقوله تعالى: ﴿يخربون بيوتهم﴾ أي: لينقلوا ما استحسنوه منها من خشب وغيره. وقرأ أبو عمرو بفتح الخاء وتشديد الراء، والباقون بسكون الخاء وتخفيف الراء وهما بمعنى، لأنّ خرب عدّاه أبو عمرو بالتضعيف، وهم بالهمزة. وعن أبي عمر وأنه فرق بمعنى آخر فقال: خرّب بالتشديد هدم، وأفسد وأخرب بالهمزة ترك الموضع خراباً وذهب عنه، وهو قول الفرّاء. قال المبرد: ولا أعلم لهذا وجهاً، وزعم سيبويه أنهما متعاقبان في بعض الكلام فيجري كل واحد مجرى الآخر، نحو: فرحته وأفرحته.
وقرأ ورش وأبو عمرو وحفص بيوتهم بضم الباء الموحدة، والباقون بكسرها ﴿بأيديهم وأيدي المؤمنين﴾ قال الزهري: وذلك أنّ النبي ﷺ لما صالحهم على أنّ لهم ما أقلت الأبل، كانوا ينظرون إلى الخشبة في منازلهم فيهدمونها، وينزعون ما استحسنوه منها فيحملونه على إبلهم، ويخرّب المؤمنون باقيها. وقال قتادة والضحاك: كان المؤمنون يخربون من خارج ليدخلوا، واليهود من داخل ليبنوا ما خرّب من حصنهم.
وقال مقاتل: إنّ المنافقين أرسلوا إليهم أن لا تخرجوا ود ربوا عليهم الأزقة، وكان المسلمون سائر الجوانب.
فإن قيل: ما معنى تخريبها لهم بأيدي المؤمنين؟ أجيب: بأنهم لما عرضوهم لذلك وكانوا السبب فيه فكأنهم أمروهم به وكلفوهم إياه. وقال أبو عمرو بن العلاء: بأيديهم في تركهم لها، وبأيدي المؤمنين في إجلائهم عنها
(١٢/٣٨)
---