وعنه: أنه كان لعبد الله بن أبي موقف في كل سبت يحض على طاعة الله وطاعة رسوله، فقيل له: وما ينفعك ذلك ورسول الله ﷺ عليك غضبان، فأته يستغفر لك فأبى، وقال: لا أذهب إليه. وروي أنّ ابن أبيّ رأسهم لوى رأسه، وقال لهم: أشرتم عليّ بالإيمان فآمنت، وأشرتم عليّ بأن أعطي زكاة مالي ففعلت، ولم يبق إلا أن تأمروني بالسجود لمحمد فنزل ﴿وإذا قيل لهم تعالوا﴾ الآية. ولم يلبث إلا أياماً قلائل حتى اشتكى ومات.
ولما كان ﷺ يحب صلاحهم فهو يحب أن يستغفر لهم، وربما ندبه إلى ذلك بعض أقاربهم، قال تعالى منبهاً على أنهم ليسوا بأهل للاستغفار لأنهم لا يؤمنون:
﴿سواء عليهم أستغفرت لهم﴾ استغنى بهمزة الاستفهام عن همزة الوصل ﴿أم لم تستغفر﴾ الله ﴿لهم﴾ أي: سواء عليهم الاستغفار وعدمه لأنهم لا يلتفتون إليه، ولا يعتدّون به لكفرهم ﴿لن يغفر الله﴾ أي: الملك الأعظم ﴿لهم﴾ لرسوخهم في الكفر ﴿إن الله﴾ أي: الذي له كمال الصفات ﴿لا يهدي القوم﴾ أي: الناس الذين لهم قوّة في أنفسهم على ما يريدونه ﴿الفاسقين﴾ أي: لأنهم لا عذر لهم في الإصرار على الفسق، وهو المروق من حصن الإسلام بخرقه وهتكه مرّة بعد مرّة، والتمرن عليه حتى استحكم فهم راسخون في النفاق، والخروج عن مظنة الإصلاح.
﴿هم﴾ أي خاصة بخالص بواطنهم ﴿الذين يقولون﴾ أي: أوجدوا هذا القول للأنصار، ولا يزالون يجددونه لأنهم كانوا مربوطين بالأسباب محجوبين عن شهود التقدير ﴿لا تنفقوا﴾ أي: أيها المخلصون في النصرة ﴿على من﴾ أي: الذين ﴿عند رسول الله﴾ أي: الملك المحيط بكل شيء، وهم فقراء المهاجرين ﴿حتى ينفضوا﴾ أي: يتفرّقوا فيذهب كل أحد منهم إلى أهله وشغله الذي كان له قبل ذلك.
(١٢/١٦٦)
---


الصفحة التالية
Icon