﴿ولا تضاروهن﴾ أي: حال السكنى في المساكن ولا في غيره ﴿لتضيقوا عليهن﴾ حتى تلجؤهن إلى الخروج ﴿وإن كن﴾ أي: المطلقات ﴿أولات حمل﴾ أي: من الأزواج من طلاق بائن أو رجعي ﴿فأنفقوا عليهن﴾ وإن مضت الأشهر﴿حتى يضعن حملهن﴾ فيخرجن من العدة، وهذا يدل على اختصاص استحقاق النفقة بالحامل من المعتدات البوائن والأحاديث تؤيده.
(١٢/٢١٤)
---
قال القرطبي: اختلف العلماء في المطلقة ثلاثاً على ثلاثة أقوال: فذهب مالك والشافعي أن لها السكنى ولا نفقة لها، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه أن لها السكنى والنفقة، ومذهب أحمد وإسحاق وأبي ثور لا نفقة لها ولا سكنى، لحديث فاطمة بنت قيس قالت: «دخلت إلى رسول الله ﷺ ومعي أخو زوجي، فقلت: إن زوجي طلقني وإن هذا يزعم أن ليس لي سكنى ولا نفقة، قال: بل لك السكنى والنفقة، فقال: إن زوجها طلقها ثلاثاً فقال ﷺ إنما السكنى والنفقة لمن له عليها رجعة» فلما قدمت الكوفة طلبني الأسود بن يزيد ليسألني عن ذلك فإن أصحاب عبد الله يقولون: إن لها السكنى والنفقة. وعن الشعبي قال: لقيني الأسود بن يزيد فقال: يا شعبي اتق الله وارجع عن حديث فاطمة بنت قيس، فإن عمر كان يجعل لها السكنى والنفقة، فقلت: لا أرجع عن شيء. حدثتني فاطمة بنت قيس عن رسول الله ﷺ ولأنه لو كان لها سكنى لما أمر النبي ﷺ أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم.
وأجيب عن ذلك: بما روت عائشة أنها قالت: كانت فاطمة في مكان وحش فخيف على ناحيتها، وقال سعيد بن المسيب: إنما نقلت فاطمة لطول لسانها على إحمائها، وقال قتادة وابن أبي ليلى: لا سكن إلا للرجعية لقوله تعالى: ﴿لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً﴾ (الطلاق: ١)