﴿قالوا بلى﴾ قرأه حمزة والكسائي بالإمالة محضة، وورش بالفتح وبين اللفظين، والباقون بالفتح والوقف عليها كما في الوصل ﴿قد جاءنا نذير﴾ أي: محذر بليغ التحذير.
(١٣/٤٤)
---
تنبيه: في ذلك دليل على جواز الجمع بين حرف الجواب ونفس الجملة المجاب بها إذ لو قالوا: بلى لفهم المعنى، ولكنهم أظهروه تحسراً وزيادة في نقمتهم على تفريطهم في قبول قول النذير وليعطفوا عليه قولهم ﴿فكذبنا﴾ أي: فتسبب عن مجيئه أنا أوقعنا التكذيب بكل ما قاله النذير ﴿وقلنا﴾ أي: زيادة في التكذيب ﴿ما نزل الله﴾ أي: الذي له الكمال كله عليكم ولا على غيركم ﴿من شيء﴾ لا وحياً ولا غيره وما كفانا هذا الفجور حتى قلنا مؤكدين: ﴿إن﴾ أي: ما ﴿أنتم﴾ أي: أيها النذر المذكورون في نذير، المراد به الجنس ﴿إلا في ضلال﴾ أي: بعد عن الطريق ﴿كبير﴾ فبالغنا في التكذيب والسفه بالاستجهال والاستخفاف. وقيل: قوله تعالى: ﴿إن أنتم إلا في ضلال كبير﴾ من كلام الملائكة للكفار حين أخبروا بالتكذيب.
﴿وقالوا﴾ أي: الكفار زيادة في توبيخ أنفسهم ﴿لو كنا﴾ أي: بما لنا من الغريزة ﴿نسمع﴾ أي: كلام الرسل فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش اعتماداً على ما لاح من صدقهم بالمعجزات ﴿أو نعقل﴾ أي: بما أدته إلينا حاسة السمع فنفكر في حكمه ومعانيه تفكر المستبصرين ﴿ما كنا﴾ أي: كونا دائماً ﴿في أصحاب السعير﴾ أي: في عداد من أعدت له النار التي هي في غاية الإيقاد.
تنبيه: في الآية أعظم فضيلة للعقل، روي عن أبي سعيد الخدري أنّ النبي ﷺ قال: «لكل شيء دعامة ودعامة المؤمن عقله فبقدر عقله تكون عبادته أما سمعتم قول الفجار: ﴿لو كنا نسمع أو نعقل﴾» الآية