وقال أبو جعفر النحاس: يقال للطائر إذا بسط جناحيه: صاف، وإذا ضمهما فأصابا جنبيه: قابض، لأنه يقبضهما. وقيل: ويقبضن أجنحتهن بعد بسطها إذا أوقفن عن الطيران. ﴿ما يمسكهن﴾ أي: عن الوقوع في حال البسط والقبض ﴿إلا الرحمن﴾ أي: الملك الذي رحمته عامة لكل شيء بأن هيأهن بعد أن أفاض عليهن رحمة الإيجاد على أشكال مختلفة وخصائص مفترقة هيأهن للجري في الهواء. ﴿إنه﴾ أي: الرحمن سبحانه ﴿بكل شيء بصير﴾ أي: بالغ البصر والعلم بظواهر الأشياء وبواطنها فمهما أراد كان. والمعنى: أولم يستدلوا بثبوت الطير في الهواء على قدرتنا أن نفعل بهم ما تقدم وغيره من العذاب.
(١٣/٥٧)
---
وقوله تعالى: ﴿أمن﴾ مبتدأ، وقوله تعالى: ﴿هذا﴾ خبره، وقوله تعالى: ﴿الذي﴾ بدل من هذا، وقوله تعالى: ﴿هو جند﴾ أي: أعوان ﴿لكم﴾ صلة الذي، وقوله تعالى: ﴿ينصركم﴾ صفة جند ﴿من دون الرحمن﴾ أي: غيره يدفع عنكم عذابه، أي: لا ناصر لكم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: جندٌ لكم، أي: حزب ومنعة لكم ولفظ الجند يوحد ولذلك قال تعالى: ﴿هذا الذي هو جند لكم﴾ وهو استفهام إنكاري، أي: لا جند لكم يدفع عنكم عذاب الله من دون الرحمن، أي: من سوى الرحمن. وقرأ أبو عمرو بسكون الراء، وللدوري اختلاس الضمة أيضاً والباقون بالرفع ﴿إن الكافرون﴾ أي: ما الكافرون ﴿إلا في غرور﴾ أي: من الشيطان يغرّهم بأن لا عذاب ولا حساب.
قال بعض المفسرين: كان الكفار يمتنعون عن الإيمان ويعاندون النبي ﷺ معتمدين على شيئين: أحدهما: قوتهم بمالهم وعددهم. والثاني: اعتقادهم أن الأوثان توصل إليهم جميع الخيرات وتدفع عنهم جميع الآفات، فأبطل الله تعالى عليهم الأول بقوله تعالى: ﴿أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم﴾ الآية، ورد عليهم الثاني بقوله تعالى: